نافقَ حنظلة! 


خرجَ حنظلة بن الربيع من بيته ضَجِراً، فلَقِيَهُ أبو بكر الصديق في الطريق وسأله: كيف أنتَ يا حنظلة؟

فقال: نافقَ حنظلة! 

فقال له أبو بكر: سُبحان الله، ما تقول؟

قال: نكونُ عند رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يُذكرنا بالجنة والنار كأننا نراها رأي العين، فإذا خرجنا من عنده عافسْنَا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيراً!

فقال أبو بكر: فواللهِ إنَّا لنلقى مثل هذا! 

فانطلقا حتى إذا أتيا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال له حنظلة: نافقَ حنظلة يا رسول الله! 

فقال له: وما ذاك؟

قال: نكون عندكَ تُذكرنا بالجنة والنار كأننا نراها رأي العين، فإذا خرجْنا من عندك عافسْنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيراً!

فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي لصافحتْكُم الملائكة في الطرقات، لكن يا حنظلة ساعة وساعة!.. 


ساعةٌ وساعة أي أن المُسلم يستحيلُ أن يبقى على وتيرةٍ واحدةٍ من العبادة، ثمة حياة عليها أن تمضي قدماً، هناك وظيفة وأكل عيش، وهناك زوجة وأولاد، وهناك أقارب وأصدقاء وجيران، وزيارات ومناسبات وهذا شيء طبيعي ومفهوم، هذا هو معنى ساعة وساعة 

وإنها لا تعني أن تكون ساعة لربك وساعة لشيطانك!

ساعةٌ في المسجد وساعةٌ في الملهى الليلي، وساعةٌ بثوبِ الصلاة وساعةٌ متبرجة متعطرة، ساعةٌ تتصدَّقُ وساعةٌ تأكل الربا، ساعةٌ مع صُحبةٍ صالحةٍ وساعةٌ مع صُحبةٍ فاسدةٍ! 

ساعةٌ وساعة لاتعني ساعة عبادة وساعة معصية  تعني أن لا تكون في عبادة ولكنك في المُباح لا في الحرام! وحتى المُباح الذي تحتسبه عند الله هو عبادة، فزيارةُ القريبِ بنية صلة الرحم عبادة، وتحصيلُ الرزقِ بنية أكلِ الحلال,