كان هناك رجل صالح أقام سقاية للناس وجعلها وقفاً لله رب العالمين...

وفي اليوم التالي تفاجأ الناس بأن سقايتهم قد لوثها أحد ما بالقاذورات والأوساخ. . 

فأخبروا الرجل الصالح بهذا الفعل المشين ، فقال لهم الرجل : 

لا بأس أعيدوا ترتيبها وبناءها.

فلما فعلوا ذلك فوجيء الناس في اليوم التالي، أن سقايتهم قد تلوثت مجدداً، وأخذوا يصرخون:

من هذا الذي يلوث صدقة جارية للناس ؟. 

وذهبوا للرجل الصالح فقال:

للعمال أعيدوا ترتيبها، واختبئوا في الليل وانظروا لي من هذا الشخص، واكتموا أمره ولا تكلموه وأعطوني الخبر.

وفي اليوم التالي جاء العمال إليه على استحياء وإحباط يقولون له:

ماذا نقول لك يا سيدي؟ 

قال

ماذا؟ 

فقالوا له:

إن الفاعل هو ابن عمك 

فقال:

لا حول ولا قوة إلا بالله، خلاص اسكتوا واكتموا أمره، ولا تحدثوا أحدا عن فعله. 

ثم قال لهم وللمرة الثالثة:

أعيدوا ترتيب السقاية وبنائها..


ولما جن الليل ذهب يطرق بيت ابن عمه، وأخذ معه كيس من القمح وآخر من السكر وأخذ معه طيبا وكيسا من النقود، ثم قرع باب بيته قال:

من بالباب؟

فقال الرجل الصالح:

خويدمكم( وهي كلمة تصغير لكلمة خادم). 

ولما فتح الباب وجد أن الطارق ابن عمه فقال له: 

ماذا تريد؟

فقال له الشيخ :

( جئتك يا ابن عمي معتذرا لك، فأنا مقصر في حقك، فلم أزورك منذ فترة طويلة، ولم أسأل عنك، أرجو أن تسامحني، فنحن بيننا صلة رحم ). 

وأخذ يلاطفه، ولم يذكر له قصة تلويثه للسقاية، 

بل إنه أكرمه وأعطاه ما معه من الأكياس مع النقود والطيب وانصرف من عنده 

ثم اجتمع بعماله وأمرهم أن ينظروا الليلة في أمر السقاية، فلما انتصف الليل أتى ابن عمه مجددا، ولكن هذه المرة ليس ملوثا للسقاية، بل مبخرا إياها بالطيب الذي أعطاه ابن عمه الرجل الطيب، 

فانبهر العمال من التحول العجيب الذي حصل لابن عمه إذ تحول في لحظة من عدو إلى صديق حميم !!..


 *الحكمـــــــه* 

إننا إذا أردنا التخلص من المشاكل التي تواجهنا مع الآخرين، علينا أن نحسن لمن أساء إلينا، وأن لا نواجه الإساءة بالإساءة ،


حتى تتصافى قلوبنا فلنمض يداً بيد لعمران بيوتنا وبلادنا وسائر الأمة الإسلامية.. 

فبالأخلاق والقيم تسود الأمة