"ماذا لو كنت أنا الغائب مثلًا؟


ترسل لي رسائل طويلة فلا أجيب، وتفوتني مكالماتك كلّها، وأخلف موعدنا وأجلس أتناول البيتزا، وأسلك الطريق المعاكس لبيتك كي لا نلتقي، وأنسحب من برامج التواصل الإجتماعيّ، وأحذف كلّ التطبيقات الّتي كنا نتحدّث عبرها، ماذا لو غيّرت موعد نومي واستيقاظي، كي أخذل مخيلتك وتوقعاتك، ماذا لو غيّرت عاداتي فكففت مثلًا عن الذّهاب للصالة الرياضية فيكون انتظارك المباغت هناك عبثًا، ماذا لو استبدلت مقهاي المفضلّ بمقهى آخر لا يمكنك العثور عليه؟ ماذا لو تنازلتُ عن شرائح الفلفل الملوّن فلم تعد تستطع أن تصالحني به، ماذا لو قررت أن أتوقف عن سماع فيروز، فتذهب كلّ روابط أغنياتك إلى حاوية القمامة، ماذا لو توقفت عن الثرثرة معك، وعن المزاح، ماذا لو سحبت منك بطاقة البطل، ولم تعد بطلي .. ماذا لو أتقنت فعلًا دور الغائب، فأذهب ولا أعود.

وإن عدت أعود شخصًا آخر، لا تعرفه ولا تحبه، وتظلّ تبحث فيه عن أنا القديم فلا تلقاها."