كان رجل يسكن مع ابنه في قرية صغيرة و بعيدا وقرر الرجل الانتقال من بلد لآخر بعيد عنهما، فحملا متاعهما وذهبا في رحلتهما على ظهر بعير؛ وأثناء سيرهما تعثر الحمار في حفرة كبيرا فكسرت ساقه، فاضطرا الأب وابنه أن يحملان المتاع على ظهريهما، وهنا بدا الاب الحكيم الذي يبلغ العمر ٥٥ عاما مبتسما بحنكة الحياة وبصبر المؤمن على أقدار الله: “يا بني ما حجب عند الله ربما أكثر من هذا”.



وبعد قليل من السير وقد بلغهما التعب ولاكن تعثر الأب في حجر فكسرت ساقه أيضا،وقام الرجل بنفس الابتسامة والرضا قال لابنه: “يا بني ما حجب عند الله ربما أكثر من هذا”.


وقد تعجب حينها الابن من حديث والده، وقام بربط ساقه وحمل عن ابيه ما كان يحمل من متاع، فأصبح الحمل على ظهر الابن أثقل بمراحل، واستكملا رحلتهما البعيدة والتي طالت للغاية، فبعدما كانا سيصلان وجهتهما خلال ثلاثة أيام استغرقا عشرة أيام في وصولهما إليها.


وعندما وصلا أسوار المدينة وجدا أنها بالأيام السابقة التي تاخرو فيها ضربها زلزال فأصاب عاليها سافلها وقضى على كل ما كان موجودا بها من إنسان وحيوان، وبذلك لم يتبقى بالمدينة سوى الرجل الحكيم المؤمن بالغيب وابنه.


حينها أدرك وفهم الابن جملة والده الذي كررها لأكثر من مرة طوال رحلتهما والتي كانت مليئة بالمتاعب.

ينبغي علينا جميعا أن نؤمن بالغيب، أن نؤمن بما عند الله سبحانه وتعالى، فقال جل في علاه (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)، فالله سبحانه وتعالى عندما يبتلي عبد من عباده فإنه لا يريد به إلا الخير حتى وإن كان الإنسان نفسه بجهله لا يدرك حينها إلا الشر بما يحدث له، فيمضي به العمر ليرى بأم عينيه مدى الخير الذي أراده الله سبحانه وتعالى له بما رآه آنفا شرا له.