معادلة ألبرت اينشتاين التي غيرت العالم .

((أنا لا أعرف الأسلحة التي ستستخدم في الحرب العالمية الثالثة ، لكني متأكد من أن أسلحة الحرب العالمية الرابعة ستكون العصي و الأحجار) .




نبتدأ بهذه الجملة المتشائمة جدا و التي نطقها اينشتاين بعد ان ضربت امريكا اليابان بقنبلتين ذريتين عام 1945 ......لنعود الى المعادلة الرياضية الاعجازية و التي غيرت وجه العالم :

( E = m c² )

ما ستقرأونه في هذه المقالة هي قصة حقيقية يجهلها الكثير.. قصة أقرب ما تكون إلى قصص الخيال العلمي و أفلام السرد الدرامي التي قد لا نصدقها في كثير من الأحيان! سأرويها عليكم.. و لكم حرية التأكد منها بالطبع..

ألبرت آينشتاين.. العالـِم الأسطورة.. و الذي يُـعد رمزا للعلم في العصر الحديث.. هو محور حديثي ، فهذا العالِـم الجهبذ و الذي ولد في ألمانيا و نشأ فيها وفي سويسرا قبل أن يهرب منها إلى الولايات المتحدة الأمريكية إبان حكم النازيين و إضطهاد اليهود لم يكن يعرف أبدا أنه سيكون سببا رئيسياً في أحداث مرعبة ستهز العالم ليصبح بعدها عالما آخر و مختلف تماماً !

في العام 1905م ، و عندما كان ألبرت باحثا في علوم الفيزياء في ألمانيا، توصل إلى نظرية “عبقرية” بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني.. و قام بإثباتها إثباتا رياضيا لا يرقى إليه شك .

ففي ورقة بحثية أصدرها في نفس العام و تحت عنوان (Ist die Trägheit eines Körpers von seinem Energieinhalt abhängig؟) و تعني باللغة العربية (هل تعتمد كينونة الجسم على ما يحويه من طاقة ؟)

في هذه الورقة العلمية أكد آينشتاين أن الطاقة و الكتلة هما شيء واحد !!

نعم الكتلة و الطاقة هما شيء واحد !

يمكن لأي كتله أن تتحول إلى طاقة، و لأي طاقة أن تتحول إلى كتلة!

كما أن أي كتلة كانت في الأساس طاقة أو العكس !

فكروا بالأمر جيداً ، ربما تقتنعون !

لكن يبقى السؤال : إن كان بمقدورنا تحويل الكتلة إلى طاقة ، فكم حجم هذه الطاقة؟

الإجابة كانت مذهلة !!

فبعد دراسات علمية متعددة قام بها علماء آخرون تبين أن الطاقة التي يمكن استخراجها من أي جسم “مهما صغر حجمه” هي طاقة هائلة جدا!

إليكم هذه المعادلة:

E = m c²

المعادلة تنص على أن طاقة أي جسم تساوي مقدار ضرب كتلته في القيمة التربيعية لسرعة الضوء !!!!

هل تفهمون ماذا يعني ذلك؟

يعني أن الطاقة التي يمكن استخراجها من جسم صغير جدا.. قد تكفي لتدمير كوكب كامل !

أمر مرعب ، لكنه حقيقي !!

هذا الإكتشاف صدم العالم بأسره!!

كما أنه في نفس الوقت حل العديد من القضايا بالغة التعقيد التي وقف العقل البشري عاجزا أمامها لآلاف السنين!

مثلاً..

هل فكرتم يوما كيف نشأ الكون؟

بحسب نظرية آينشتاين هذه يمكننا أن نفهم الآن أن طاقة هائلة (يعتقد أينشتاين أنها طاقة ضوئية بالتحديد) انفجرت لتتحول إلى كتل (كواكب) و هكذا تكون الكون و هذا يفسر تماما ما يعرف باضمحلال النجوم و توسع الكون و غيرها من الأمور فالطاقة تتحول باستمرار إلى كتله و العكس صحيح .

أعطيكم مثال أبسط بكثير.

هل فكرتم يوما لما لم تنطفئ الشمس حتى الآن؟

فكتلة الشمس معروفة و لو كانت تحترق لتلاشت منذ آلاف السنين !

و كان العلماء في حيرة دائمة في أمر الشمس تحديداً ما هو مصدر الطاقة الذي يغذيها؟ حطب؟ زيت؟ مواد أخرى؟

أيا كان مصدر الطاقة فإنه إذا ما أخذنا بالاعتبار حجم الشمس كان من المفترض أن تكون الشمس انطفأت أو تلاشت منذ قرون عديدة!!

الجواب الشافي لهذه المعضلة كان في نظرية آينشتاين !

فالشمس تستمد طاقتها من تحول كتلتها إلى طاقة “مهولة” و بحسب العلماء فإن هذه الطاقة الناتجة عن الكتلة تكفي لإبقاء الشمس متقدة لبلايين السنوات في المستقبل !!

ويبقى السؤال المهم ؟

هل استطاع العلماء فعلا تحويل الكتلة إلى طاقة ؟

أيضا كيف تغير العالم بسبب هذه النظرية؟

و ما دور آينشتاين نفسه في ذلك؟

و ما هو الشيء الذي قام به آينشتاين ثم قال عنه أنه “الخطأ الكبير و الوحيد” في حياته و ندم عليه كثيرا؟

بعد سنوات من ظهور نظرية آينشتاين عن الكتلة و الطاقة أصيب العالم بهوس تحقيق هذه النظرية!

في أمريكا ألمانيا بريطانيا و حتى فرنسا أقامت الحكومات معامل ضخمة كلفت مبالغا مَهولة و ذلك بهدف محاولة استخراج الطاقة من الكتلة !

و يجب أن لا نستغرب من ذلك هل تفهمون ما معنى تحقيق نظرية آينشتاين؟

يعني ذلك الحصول على مصدر “قوي” للطاقة لا يضاهيه مصدر آخر بواسطته ستستغني الدول عن النفط و ستطور تطبيقات جديدة و ربما إستراتيجية قائمة على هذه الطاقة النوعية!

لكن…. فشلت كل التجارب!

فحتى ثلاثينيات القرن الماضي و في خضم الحرب العالمية الثانية.. لم يتمكن أحد من استخراج طاقه من كتلة ! حتى و إن تمكنوا فقد كانت طاقة ضعيفة جدا و أقل بكثير من الطاقة التي استخدمت أصلا لإستخراجها !

و بدأ العالم يفقد الأمل بإمكانية تحقيق هذه النظرية.. حتى آينشتاين نفسه الذي قال حينها جملته الشهيرة : (إن محاولة استخراج الطاقة من الكتلة هي كمحاولة صيد طيور في الظلام ، في بلد لا يوجد به سوى القليل من الطيور ).

بعد سنوات عديدة من فرار ألبرت آينشتاين و استقراره في أمريكا نشبت الحرب العالمية الثانية بين ألمانيا و ما كان يعرف بدول الحلفاء الذين انضمت لهم أمريكا بعد أن حمي وطيس الحرب..

لكن ألبرت لم يسهم مطلقا في أي جانب مما يعرف بالـ “علوم العسكرية” التي كانت محط اهتمام كل الدول العظمى آنذاك.. إيمانا منه بأن العلم يجب أن لا يسخر في قتل البشر و الإضرار بهم.. و بأن العلم و السياسة لا تربطهما أي علاقة “شريفة”

في إحدى ليالي العام 1939م.. تفاجأ ألبرت آينشتاين بزيارة من صديقه العزيز و أحد طلابه الألمانيين القدماء (سزلارد).. و الذي كان أيضا قد فر منذ أعوام من ألمانيا بعد أن شاهد بنفسه فضاعات النازيين ضد اليهود في ألمانيا.. سأصور لكم ما دار بينهم ليلتها بحوار (من تأليفي) لتبسيط ما دار في ذلك اللقاء..

- ألبرت : أرى في ملامحك قلقا.. ماذا هناك؟

- سزلارد : ألبرت علينا أن نتصرف بسرعة.. العالم في خطر!!

- ألبرت : هدئ من روعك ما هو الموضوع؟

- سزلارد : E=mc²

- ألبرت : ما الجديد بخصوص هذه المعادلة؟

- سزلارد : هل تعلم كيف سيصبح العالم ان تمكنت ألمانيا من استخراج الطاقة من الكتلة؟

- ألبرت : (و هو يضحك): لن يتمكن أحد من ذلك!

- سزلارد : أنا تمكنت!!

- ألبرت (مذهولا): ماذا!!!!!؟

- سزلارد : و بما أني تمكنت من ذلك هذا لا يجعل الأمر مستحيلا على زملائنا العلماء في ألمانيا فلقد درسنا و تلقينا العلم في نفس الجامعات و بنفس المراكز البحثية! .. يجب أن نتصرف يا ألبرت.. العالم في خطر!

- ألبرت: كيف تمكنت من ذلك؟

- سزلارد : تمكنت من قسم ذرة اليورانيوم بعد تحفزيها و إضافة نيوترونات و حين تنقسم الذرة إلى ذرتين فإن جزء من كتلة الذرة يتحول طاقة مَهولة!!

- ألبرت: يا إلهي!

- سزلارد : ليس هذا فقط.. عندما تنقسم ذرة اليورانيوم فالانقسام يشمل جميع الذرات الباقية كمتسلسلة كعدوى تصيب كل ذرات الكتلة فتزداد الطاقة الناتجة بشكل متسارع و مخيف!

- ألبرت : الأمر مخيف فعلا!

- سزلارد : لقد عرفت من بعض الزملاء في ألمانيا بأن ألمانيا تسعى لصنع قنبلة ذرية بإستخراج الطاقة من الكتلة ستمحي ألمانيا العالم!

- ألبرت : و ما الحل في نظرك؟

- سزلارد : أن نسبقهم و نصنع قنبلة ذرية قبلهم!

- ألبرت : ماذا تقول!!

اقترح سزلارد و الذي كان خائفا و بشكل كبير من أن تتمكن ألمانيا من صنع قنبلة ذرية اقترح على ألبرت و بحكم مكانته العلمية المرموقة أن يراسل الرئيس الأمريكي حينها (روزفلت) و يخبره بالأمر و يعرض عليه المساعدة لصنع قنبلة ذرية أمريكية و بأقصى سرعه!

رفض آينشتاين ذلك بشده و وبخ تلميذه مذكرا إياه بأن العلم يجب أن لا يكون سببا في تدمير البشرية و أن العلم هو مصدر حياة لا مصدر موت و أخبره بأن ذلك مستحيل..!

إلا أن سزلارد قام بتذكير آينشتاين بما عمله النازيون في ألمانيا و ما الذي يمكن أن يفعلوه بالعالم في حال تمكنوا من صنع قنبلة ذرية.. و ردد بإلحاح بأن الموت أحيانا هو أمر لابد منه لضمان الحياة !

اقتنع آينشتاين على مضض و طلب من سزلارد أن يساعده في كتابة الرسالة إلى الرئيس الأمريكي و بالفعل تمت كتابتها في نفس الليلة و في مقر إقامة آينشتاين ليوقعها آينشتاين بعد تردد كبير .

رسالة ألبرت اينشتاين للرئيس الأمريكي

وصلت الرسالة إلى البيت الأبيض خلال يومين و لأنها من ألبرت آينشتاين و لأنها تتحدث عن أسلحة ممكنة في يد الألمان.. حازت الرسالة على اهتمام بالغ من الرئيس الأمريكي الذي أمر على الفور بتشكيل معامل ضخمة مهما كلفت من مبالغ طائلة للعمل على تصنيع قنبلة ذرية و بأسرع وقت ممكن!!

رفض آينشتاين العمل أو المساعدة في صنع القنبلة الذرية الأمريكية، و اعتبر أنه أدى مهمته كاملة بإطلاع الرئيس الأمريكي على الموضوع إلا أن صديقه سزلارد ساهم و بشكل فعال و مباشر في تصنيع القنبلة الذرية و خلال سنوات قليلة فعلتها أمريكا تم صنع أول قنبلة ذرية في العالم!

لكن بعد ذلك بأشهر قليلة و تحديدا في السابع من شهر مايو من العام 1945م استسلمت ألمانيا للحلفاء ، و بذلك تلاشت مخاوف الجميع من أن تسبق ألمانيا الولايات المتحدة الأمريكية في صنع القنبلة الذرية .

و من أجل ذلك قام آينشتاين و سزلارد و غيرهم و بسذاجة العلماء و بساطتهم.. قاموا بإرسال رسالة إلى الرئيس الأمريكي (ترومان) يطلبون منه إتلاف القنبلة الذرية أو على الأقل التعهد بعدم استخدامها مطلقا.. فألمانيا خسرت الحرب و لم يعد هناك أي حاجة إلى ذلك!

أعتقد أني في غنى عن أن أخبركم بأن طلبهم هذا رفض تماما.. و ربما بسخرية بالغة !

بعد أشهر قليلة من ذلك اليوم و تحديدا في السادس و التاسع من شهر أغسطس في العام 1945م.. قامت أمريكا و بأمر من رئيسها.. بإرتكاب “أفظع” جريمة تصفية بشرية في التاريخ الإنساني و ذلك بإلقاء قنبلتين ذريتين على مدينتي (هيروشيما) و (ناجازاكي) اليابانيتين

لتقتل مئات آلاف من البشر في لحظة هلاك واحده لم تستثني أحدا قتلت الكبير و الصغير و أحرقت الأخضر و اليابس في عمل بشع ينم عن غطرسة كبيرة و احتقار شديد لقيمة الإنسان من دولة كانت تدعي حينها أن تحارب قوى الشر في العالم!

ب

صورة واحدة.. ستريكم و بوضوح بأنه بعد المعادلة E = m c² ..!

أصبح العالم عالمآخر عالمٌ تحكمه القوه تحكمه أمريكا! و حمـَّل الكثيرون آينشتاين مسؤولية ما حدث…!

ما حدث كان فظيعا و يقال أن آينشتاين كاد أن يموت من حنقته حين سمع بالخبر و ندم ندما شديدا على رسالته المشؤمة للرئيس الأمريكي و تمنى لو أنه كان بإمكانه استشراف المستقبل و معرفة أن ألمانيا لم تكن لتصنع قنبلة ذرية قبل أن تخسر الحرب.

بقي آينشتاين نادما على ذلك بقية سنوات عمره بل أنه خصص ما تبقى من عمره للدعوة إلى السلام و إنهاء الحروب.. حتى أن آخر الأعمال التي قام بها في حياته كانت بادرته و رسالته الشهيرة إلى رؤساء العالم و التي كان يدعوهم فيها لإنهاء الحروب و تطوير الأسلحة

مات آينشتاين و هو يعتقد أن نظريته الشهيرة كانت مميتة و أن لها جانب وحيد جانب مظلم ! مات قبل أن يعرف أن نظريته لها جانب آخر ، جانب مضيء ، جانب حياة !

فنظريته الشهيرة ساعدت العلماء كثيرا في تفسير ظواهر عدة وقف أمامها العقل البشري عاجزا لآلاف السنين.و الطاقة النووية نفسها تم تطويعها لخدمة البشرية ، حتى أن دولة مثل فرنسا تعتمد بنسبة 80% على الطاقة النووية في توفير الكهرباء لقاطنيها و بأسعار رمزية مقارنة بباقي دول أوروبا !

وسأختم بما ابتدأت بها بمقولة آينشتاين الشهيرة:

(أنا لا أعرف الأسلحة التي ستستخدم في الحرب العالمية الثالثة ، لكني متأكد من أن أسلحة الحرب العالمية الرابعة ستكون العصي و الأحجار) ” ألبرت آينشتاين”