يحكى أنه كان هناك حطاب شاب متزوج حديثا يدعى حسان وكان يذهب يوميا إلى الغابة ليحتطب ثم يعود الى المدينة ليبيع الحطب ..



لكن زوجته كانت تحب القصاب فكانت تذهب إلى محله يوميا كلما ذهب زوجها إلى عمله وتتحدث إليه .. فأخبرها القصاب يوما بخطة تجعله يتخلص من زوجها نهائيا حتى يصفو الجو لهما معا .. فقبلت الزوجة وشرعت بتنفيذ الخطة فورا ..

أدعت الزوجة أنها مريضة جدا وعلى وشك الموت فحزن حسان لأجلها وأراد ان يحضر لها الطبيب فقالت له زوجته :

هناك حكيمة حاذقة جدا وهي تسكن قرب السوق .. لدارها باب أحمر لا يمكن أن تخطئه .. اذهب وأحضرها فأن نجاتي على يدها .

ذهب حسان وعثر على الباب فطرقه فخرج له القصاب ولكنه كان متنكرا بثوب نسائي ويضع نقابا وقال لحسان وقد أرعش صوته وأحنى ظهره :

ماذا تريد يا بني ؟

- زوجتي مريضة جدا .. عليكي مساعدتي .. ارجوكي .

- حسنا ياولدي سأحضر حقيبتي وآتي معك .

لم يشك حسان ابدا في كونها حكيمة فانطلت عليه الخدعة وقاد القصاب الى زوجته فجعل القصاب يعمل نفسه وكأنه يتفحصها ثم قال : 

هذا ما كنت أخشاه .. زوجتك مريضة جدا وستموت صباح الغد .

ذهل حسان وتوسل بالحكيمة المزعومة ان تفعل شيئا لأنقاذ حياتها .. أي شيئ .. وهنا قال القصاب :

هناك شيئ واحد فقط سينقذ حياتها حتما .

- ماهو وسأفعله ..

- عليك ان تحضر لها قلب يهودي مات للتو .. فأذا أكلت منه قطعة شفيت فورا .

اطرق حسان ارضا وقد أربكه الامر .. وهنا شرعت زوجته بالصراخ من الالم المزعوم وقالت :

ارجوك يا حسان انقذني .. انا احترق من الداخل اااااه

- حسنا حسنا سأفعلها .. انا ذاهب الان .. ابقي معها ايتها الحكيمة الى ان اعود .. رجاءا

ذهب حسان الى مقابر اليهود وكان المساء قد حل وجعل ينتظر وصول جنازة لدفنها حتى جاء موكب طويل من رجال ونساء اليهود وهم يحملون جنازة وقاموا بدفنها بعد مراسيم خاصة ثم انصرف كل منهم الى حال سبيله .. 

بعد ان خلت المقبرة تماما وتحت جنح الظلام ، شرع حسان بحفر القبر الجديد حتى بان له التابوت فأخذ نفسا عميقا ثم فتح غطاء التابوت وقرب فانوسا كان يحمله من الجثة فراعه ان يكتشف ان الجثة تعود لفتاة شابة والاعظم على قلب حسان انها كانت رائعة الجمال الى درجة يعجز عنها الوصف .. كانت تبدو وكأنها نائمة في سريرها الضيق وهي ترتدي أبهى حلة .. 

جلس حسان برهة يتأمل ثم فاضت عيناه بالدموع لأنه مضطر الى ان يشوه تلك اللوحة الالهية البديعة ..

رفع حسان خنجره وأوشك ان يطعن صدرها فارتجفت يده بشدة الى ان رمى خنجره بعيدا ثم أخذ يصرخ من الخذلان .. وهنا حدث ما لم يكن في الحسبان ...


اذ فتحت الفتاة عينيها وأخذت تسعل فارتد حسان الى الخلف هلعا فقالت الفتاة..

أجئت لتغتصبني ياهذا ؟

غض حسان طرفه حياءا وقال :

معاذ الله ولكن .. 

ولكن لي قصة .. وقص حسان قصته باختصار للفتاة وكيف انه فشل في طعنها في اللحظة الاخيرة لحسن الحظ .. فابتسمت الفتاة رغم ألمها وقالت :

أصدقك ..

- فعلا تصدقيني ؟

- نعم .. أنا أستطيع أن أميز  الصادق من الكاذب وهذه  هي التي وضعتني في هذا الموقف .

- وكيف ذلك ؟

وقصة الفتاة قصتها وقالت .. انا ادعى سارة ابنة زعيم مدينة اليهود .. وقد علمت ان وزير أبي يحاول قتله والحلول مكانه ، لكن الوزير تمكن مني قبل ان اخبر أبي بالمؤامرة وذلك بان سقاني نوعا من السموم يضعف نبضي ويدخلني في غيبوبة حتى يظن الكل بأني ميتة فأدفن وأموت اختناقا .. 

ولكن الحمد لله انك أنقذني مما أنا فيه .. أعلم يا حسان ان زوجتك والحكيمة المزعومة يكذبان عليك كلاهما ويتآمران عليك ليقتلاك ..

ذهل حسان مما سمع وحمد الله على عدم قتله لسارة .

أما ما كان من أمر القصاب فقد أزال تنكره وتبع حسان خلسة حتى شاهده يشرع بحفر قبر في مقبرة اليهود فسأل عن صاحب الجنازة التي تم دفنها اليوم فأخبروه أنها تعود الى ابنة زعيم اليهود فهرع القصاب من فوره الى قصر الزعيم  واخبره ان هناك من يدنس قبر ابنته .. وكان القانون اليهودي(كما يقال) ينص على ان من وجد يدنس قبرا يهوديا فأنه يقتل من فوره كائنا من كان .. وكانت هذه هي خطة القصاب منذ البداية ..

حالما سمع زعيم اليهود بذلك حتى استدعى الشرطة وهبوا من فورهم الى المقبرة ، أما القصاب فقد عاد الى بيت حسان وهو ضاحك الوجه حيث استقبلته زوجة حسان وادخلته خلسة فأخبرها ان حسان قد طويت صفحته من الوجود .. وانهم يستطيعون فعل مايشاءون

عندما وصل زعيم اليهود الى قبر ابنته وشاهد حسان جالس على القبر المحفور جن جنونه وكاد ان يبطش به لكنه فوجئ تماما عندما رأى ابنته تخرج من القبر حية ترزق فصعقته المفاجأة وتهلل وجهه فرحا فحمل ابنته وأخرجها من قبرها فأخبرته سارة بمؤامرة الوزير وانه سبب ما حل بها فغضب الزعيم غضبا شديدا وبعث الشرطة للقبض على وزيره الذي كان نائما في منزله لا يعلم ما حصل حتى اقتحمت الشرطة منزله وألقت القبض عليه في سريره فأخذ الوزير يصرخ يريد ان يعرف سبب القبض عليه فاخبروه ان سارة قد عادت الى الحياة وأدعت عليه فانذهل الوزير وقيل انه بكى كالاطفال على سوء حظه .

أمرت سارة حسانا ان يقترب ثم نظرت اليه بامتنان وأخبرت أبيها بأن هذا الشاب الشهم هو من أنقذ حياتها فعانق الزعيم حسان وبالغ في شكره ، ثم تم نقل سارة الى المشفى .


بينما كان القصاب وزوجه حسان في بيت حسان يستعدان للخيانة ..

 وأذا بشخص يرفس باب البيت رفسة هائلة قلعته من مكانه ثم دخل حسان وهو يحمل سيفا بيمينه

 وحالما شاهداه الخائنين حتى أصابهما رعب عظيم وكأنهما يشاهدان شبحا .. فحاول القصاب الفرار فطعنه حسان في فخذه فسقط ارضا يتلوع من فرط الألم ثم حول حسان نظره الى زوجته فأخذت تصرخ من الخوف صراخا عاليا حتى أغمي عليها من شدة الخوف فتركهما حسان للشرطة التي قبضت عليهما بتهمتي الفساد والتآمر على القتل .

في الايام التالية كان حسان قد تزوج من سارة بعد ان دعاها للاسلام فأسلمت وحسن اسلامها وعاش الاثنان في رغد من العيش و عافيته.