الغرفة رقم 502 الواقعة في الطابق الخامس تحمل سرا يجعلك بالفعل على حافة الانتحار، كادت الغرفة أن تقتلني وينتهي بي الأمر في نفق يؤدي لطريق مجهول»، كلمات وصف بها «كولين ديكي» وهو كاتب أمريكي في «ما وراء الطبيعة»، دفعه فضوله لأن يجرب مصير الدخول لمستشفى «ويفرلي هيلز»، خاصةً وأنه من أكثر الأماكن التي وصفت بأنها «قاتلة» في العالم.




«ويفرلي هيلز» هو مستشفى بني عام 1910 في ريف «ويفرلي هيلز» بولاية «كنتاكي» الأمريكية، ولظروف هذا الوقت الصعبة، فقد تم افتتاحه في نفس العام الذي بُني فيه، حيث كانت حكومة الولاية على عجلة من أمرها لمواجهة مرض «السل» الذي كان يعتبر من أكثر الأمراض تفشيًا في ذلك الوقت وأكثرها خطورة وفتكًا، ولم يكن له علاج في ذلك الوقت فلم يكن بمقدرة أي الأشخاص المصابين بهذا المرض العلاج منه إلا في ذلك المستشفى.


بمرور الوقت كان المرض ينتشر بشكل سريع في أعقاب نهاية الحرب العالمية الأولى، والمستشفى الصغير لم يعد يكفي بطابقيه اللذين امتلآ عن آخرهما، حاجة المرضى الكبيرة، واعتقد أطباء ذلك العصر أن العلاج الوحيد للمرض هو استنشاق الهواء النقي والتعرض لأشعة الشمس اللازمة مع نظام غذائي معين، ونظرًا لأن المستشفى كان في سهل منخفض والأطباء يحتاجون لأن يكون في مكان مرتفع لاستخدام سطحه في عمليات الاستشفاء، تبرع أحد رجال الأعمال بالأرض وجمع التبرعات اللازمة لعمل ملحق للمستشفى مكون من 5 طوابق على مرتفع أعلى، وبالفعل تم إنجاز البناء عام 1926.


بحلول آواخر الثلاثينيات من القرن الماضي، كان المرض يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد أن توصل الأطباء لعلاج جديد من المواد الطبيعية الموجودة في البيئة، وكانت نسبة المتعافين تزايدت بشكل كبير حتى أصبح من النادر أن يموت أحدهم بسبب هذا المرض الذي بات من الماضي في عام 1943، ولكن بحلول عام 1960 وهو تاريخ إغلاقه، كان الموت قد طال كل أسرة تقريبًا في القرية وحتى الولاية بأكملها، كما ذكرت «روزماري جويلي» أحد المؤرخين لهذه الفترة، وبعد اضطلاعها على بعض الملفات السرية للمستشفى ذكرت أن المستشفى كان قبلة الوداع لمئات وحتى وصل العدد لآلاف معظمهم من الأطفال، قبل أن يأخذوا الطريق لمثواهم الأخير وهو «نفق الموت».


كشف بعض الباحثين عن تاريخ المستشفى من خلال لقاءاتهم مع المرضى الذين حالفهم الحظ بالشفاء من هذا المرض والخروج من المستشفى عن طريقة العلاج المستخدمة في ذلك الوقت، وعن خفايا المستشفى وكل الأحداث التي مر بها، فيذكر المرضى أن الطريقة الوحيدة المتبعة في المستشفى كان عن طريق التعرض للهواء النقي وأشعة الشمس، وحين تسوء حالة المريض أكثر، كان يتجه الأطباء بخلع أجزاء من قفصه الصدري للتعرض لهواء أكثر، واستخدموا طريقة أخرى وهي أنبوب بالوني يتم نفخه ووضعه في القفص الصدري وبالقرب من القصبة الهوائية، ما يساعد في دخول هواء أكثر ولكنه ما كان يؤدي في كثير من الأحيان لانفجار القصبة الهوائية والقفص الصدري.


ويكمل أحد المرضى في شهادته للصحافة بذلك الوقت أنه كان دائمًا ما يسمع أنين المرضى في كل جوانب المستشفى، ولكن من لم تفلح معه حيل الأطباء في الشفاء، كان المستشفى يلجأ لعزله حتى الموت، ثم وضعه بنفق الموت الذي تم حفره في المستشفى لرمي الجثث فيه بعيدًا عن أعين باقي المرضى أو الهيئات الرقابية، استعدادًا لدفنها بعد ذلك، وكثيرًا ما كانت تكدس الجثث فوق بعضها البعض وكأنها علبة من سمك السالمون، حتى إن آثار انتزاع أجزاء من جثث الموتى التي تعلق في هذا النفق لا تزال موجودة حتى يومنا هذا، وهو ما دفع الكثير من الباحثين في الغيبيات وما وراء الطبيعية لإلقاء نظرة على هذا المكان وتصويره.


أعيد افتتاح المستشفى مرة أخرى بعد عامين من إغلاقه، حيث كان من المخيب للآمال أن يتم إهمال مبنى بهذه الإمكانيات، حيث كان يستوعب المستشفى 400 سرير، ولكن هذه المرة كدار لرعاية المسنين، ولكنه تم إغلاقه عام 1980، وكان صاحب المبنى كله عزم وإصرار على هدمه وتحويله لمبنى سكني نظرًا لما تناقله المسنون عن أحداث غريبة تحدث بالداخل، وأشباح يتم مشاهدتها، حتى إن أحدهم كان يسمع يوميًا صوت أنين في الغرف ولكنه لا يعرف من أين، وتكرر ذلك مع باقي المسنين، فكانوا يسمعون الأنين ليلًا ونهارًا وخاصة أن المبنى تم صنعه من الأخشاب والقرميد الأحمر، وهو ما يعطي للأصوات بالمبنى نغمة مميزة مليئة بالرعب.


رفضت ولاية كنتاكي تمامًا هدم المبنى، حيث يعتبر من المعالم الأثرية في الولايات المتحدة، وذلك فتح الباب للباحثين بالدخول والتعرف أكثر على أسرار المكان، ويحكي لنا «كريستي جوردن» تجربته في المستشفى، حيث دفعه حب الاستطلاع للدخول للمكان واكتشاف غرائبه واصطحب معه الكاميرا الخاصة به، ويذكر على مدونته «مايستريوس يونيفرستي» أنه شاهد طفلة في الطابق الثالث تركض مسرعة في كل مكان بثيابها المهلهلة والدماء تسيل من فمها، وظل يتذكر تلك الملامح جيدًا حتى عاد مرة أخرى للمكان وتوصل لأحد الملفات التي خبأتها إحدى الممرضات، وتعرف من خلال ذلك الملف أنه يخص الطفلة «ميري» التي شاهدها تجوب أكناف الغرف بالمستشفى، وعرف من خلال ذلك الملف أنها لاقت مصرعها بالطابق الثالث ومن ثم في نفق الموت بعد أن حاول الأطباء انتزاع أجزاء من القفص الصدري الخاص بها لإعطائها حيز أكبر يمكنها التنفس من خلاله.


وذكر آخرون قاموا بتجربة زيارة هذا المكان بعد ما تم تداوله عنه، أنهم وجدوا طفلًا في سطح المبنى وبمجرد أن تضع له كرة جلدية يقوم باللعب بها والطواف بكل أرجاء المكان مع سماع صوت ضحكه، وسجل العديد من الأشخاص مقاطع فيديو أثناء قيامهم بالتواصل مع هذا الطفل الذين توصلوا لأن اسمه هو «بوبي»، وكان يتعرض لجلسات الاستشفاء فوق السطح، ونجح كثيرون في التواصل معه أكثر من مرة وأكدوا أنه لا ينسى أبدًا أصدقاءه الذين يقومون بزيارته، وأن شبح هذا الطفل غير مؤذٍ على الإطلاق.


دفع كل ذلك آخرون للبحث أكثر في موضوع المستشفى واكتشفوا ملف أكثر خطورة وهي الغرفة رقم 502، الغرفة الوحيدة الموصدة بإحكام في المكان، ويظهر عليها أنها لم يتم فتحها منذ عشرات السنين، وبالرجوع للماضي اكتشف باحثون أن تلك الغرفة التي تقع في الطابق الخامس كانت لممرضة شنقت نفسها وانتحرت بسبب الأصوات التي تسمعها في المستشفى عام 1929، تم إغلاق الغرفة من بعد ذلك التاريخ ولكن نظرًا لحاجة إدارة المستشفى لتسكين ممرضات جدد تم فتحها مرة أخرى وكانت النتائج متماثلة، فرمت إحدى الممرضات نفسها من شرفة تلك الغرفة بعد أن أشارت إلى أنها تسمع أصواتا غريبة ومفزعة عام 1931.


وفي تقرير نشره موقع «ذا ريال ويفرلي هيلز»، يذكر أنهم بعد التحقيق والبحث في أمر المكان وجد علامات حديثة الظهور تبين بعد ذلك أنها لـ«عبدة شياطين» حاولوا الدخول للمكان وجعله مستقرا ممارسة طقوسهم فيه، ولكن بالأغلب أنهم فشلوا في ذلك ولم يتعرف على السبب حتى اليوم، ولكن لا يزال البحث مستمر عن ذلك المبنى المثير من قبل أصحاب رغبة الاستطلاع الواسعة.