كان أحد الملوك يحب أكل السمك ، فجاءه يوما صياد ومعه سمكة كبيرة ، فأهداها للملك ووضعها بين يديه ، فأعجبته ، فأمر له بأربعة آلاف درهم ، فقالت له زوجته : بئس ما صنعت ..!!

فقال الملك لما ؟ ...

فقالت : لأنك إذا أعطيت بعد هذا لأحد من حشمك ، هذا القدر ، فلن يعجبه ...

فقال: لقد صدقت ، ولكن يقبح بالملوك ، أن يرجعوا في هباتهم ، وقد فات الأمر ..

فقالت له زوجته : أنا أدبر هذا الحال ..!!

فقال : وكيف ذلك ؟

فقالت : تدعو الصياد ، وتقول له : هذه السمكة ذكر هي أم أنثى ؟ فإن قال ذكر ، فقل إنما طلبت أنثى ، وإن قال أنثى قل إنما طلبت ذكرا.

فنودي على الصياد فعاد ، وكان الصياد ذا ذكاء وفطنة ، فقال له الملك: هذه السمكة ذكر أم أنثى ؟



فقال الصياد : هذه خنثى ، لا ذكر ولا أنثى ؟ ..

فضحك الملك من كلامه وأمر له بأربعة آلاف درهم ، فمضى الصياد إلى الخازن ، وقبض منه ثمانية آلاف درهم ، وضعها في جراب كان معه ، وحملها على عنقه ، وهم بالخروج ، فوقع من الجراب درهم واحد ، فوضع الصياد الجراب عن كاهله ، وانحنى على الدرهم فأخذه، والملك وزوجته ينظران إليه ، فقالت زوجة الملك للملك : أرأيت خسة هذا الرجل وسفالته ، سقط منه درهم واحد ، فألقى عن كاهله ثمانية آلاف درهم ، وانحنى على الدرهم فأخذه ، ولم يسهل عليه أن يتركه ، ليأخذه غلام من غلمان الملك ..

فغضب الملك منه وقال لزوجته صدقت...

ثم أمر بإعادة الصياد وقال له : ياساقط الهمة ، لست بإنسان ، وضعت هذا المال عن عنقك ، لأجل درهم واحد ، وأسفت أن تتركه في مكانه ؟

فقال الصياد : أطال الله بقاءك أيها الملك ، إنني لم أرفع هذا الدرهم لخطره عندي ، وإنما رفعته عن الأرض ، لأن على وجهه صورة الملك ، وعلى الوجه الآخر اسم الملك، فخشيت أن يأتي غيري بغير علم ، ويضع عليه قدميه ، فيكون ذلك استخفافا باسم الملك ، وأكون أنا المؤاخذ بهذا ...

فعجب الملك من كلامه واستحسن ما ذكره ، فأمر له بأربعة آلاف درهم.

فعاد الصياد ومعه اثنا عشر ألف درهم....

وأمر الملك مناديا ، ينادي: لا يتدبر أحد برأي النساء ، فإنه من تدبر برأيهن ، و ائتمر بأمرهن ، فسوف يخسر ثلاثة أضعاف .