بينما كنت منشغلة في تقديم القهوة للضيوف، عاد زوجي من الخارج في حالة غضب عارم،  فباشر الصراخ فور دخوله من الباب وهو ينادي علي " أين أنت ِ!؟ يا غبية... أنا أناديك!؟ هل طرشت أذناك؟ إتصلت بك عشرييين مرة ولم تردي على إتصالاتي، هل أنت  طرشاء!؟  ، يا طرشاء، أين أنتِ!؟ 

لم يكن يعلم بوجود الضيوف في بيتنا، وهذا ما جعله يفرغ غضبه بكل أريحية علي غير مدرك لكمية الإحراج الذي شعرت بها أمامهم، لم أعرف ماذا أقول لهم أو بماذا أجيبه.

إلتزمت الصمت وفي وجهي بسمة مصطنعة كان سهلا جداً عليهم إكتشافها، حتى سمعت صوت والدته وهي تخبره بوجود الضيوف فالتزم الصمت مباشرة بعد ذلك. 


 إستاذنتهم بالخروج على الأقل حتى ألملم ما تبقى لي من كرامتي أمامهم، فدخلت المطبخ فوجدته هناك يحوم بحثا عن شيء يأكله، قدمت له القهوة والحلويات كما إعتدت دوماً أن أفعل لكن هذه المرة في صمت قاتل، كان يسألني و أجيب بقدر السؤال دون زيادة أو نقصان، لم أتمكن من محادثته كالسابق ولا حتى النظر في عينيه، ليس من عادته الصراخ علي أمام شخص آخر، لطالما كانت شجارتنا حبيسة بين جدران بيتنا و أخرى لا تتعدى غرفتنا، لكن هذه المرة أمام ضيوف إحترمهم جداً، لم يفعلها عمداً ومع ذلك لم أستطع مسامحته، لم يكن خطأه كبيراً  لا يغتفر ولا صغيراً ينسى بهذه البساطة، تركته وغادرت نحو الغرفة بغية تأدية صلاة العصر، تبعني وفي عيونه وتصرفاته ندم وإعتذار لم يستطع الإعتراف به، فظل قابعاً في مكانه ينظر إلي وأنا أصلي منتظراً مني الإنتهاء منها. 

فجلستُ على السجاد أدعو فأحببت معاقبته، أطلتُ الدعاء عمداً حتى أغيضه، فظل ينتظر وينتظر دون جدوى،  وما إن يئس رفع يديه وقال: " يارب لا تستجب لها إن كان إسمي على لسانها"

عندها ضحكت بشدة،  لم أستطع إمساك ضحكتي أكثر من ذلك، فقد كان حاله وهو نادم متحسر منتظر مثيراً للضحك، عندها قلت بصوت مرتفع  "يا الله ، لقد دعوت له بخير كثير ومال وفير وغفران يبعده عن السعير، لكنه كالعادة متسرع دوما في أفعاله وكلامه، فلا تغفر له ياربي حتى يرضيني بإعتذار ليس له في الكون نظير ...🤍