كانت قريبتي مات كل أهلها و هي صغيرة في حادث و تكفلت والدتي بها حيث أنها الوحيدة المتبقية من أسرتها على قيد الحياة . و مضت بنا السنوات و أنا أراها تكبر و تزهر أمامي . جمعتنا مواقف و ذكريات تستعصي على الحصر . وجدتها عذبة و كأنها مخلوق مختلف عن كل ما يحيط بي من نماذج ل بشر . رقيقة و كأنها حبة ندى في الفجر كتب لها الحياة . و يوماً بعد يوم وجدتني عاشق لها ذلك العشق المهلك . و مبرر تداعيات هلاكه أنه قديم جداً . كلاسيكي بشكل مبالغ فيه . أفلاطوني بصورة لو علم بها أفلاطون نفسه لأعترض عليها . و رغم كل ذلك العشق لها بداخلي لم أصرح لها فلقد كنت أظن أن الإهتمام بكل تفاصيلها و الحرص البالغ حد المبالغة أحيانا في الإهتمام بتفاصيلها كاف لأن تعلم بل تولد لدي يقين أنها كانت على علم . حتى ألمت بي فاجعة . نعم اللفظ ليس من على سبيل المبالغة . فلقد انهت دراستها الثانوية و تقدم لها أحدهم و حين بدأت غير رافضة للأمر حدثتها و لكنها كانت تملك حجة قوية بأني لم أبين لها أبداً أني راغباً بها كزوجة و سألتني هل تستطيع أن تبرر لي لماذا لم تصرح . و حتى إعتقدت والدتي أنه ليس رغبة فيها وافقت على شاب رأته الاسرة مناسب حين تقدم إليها نسيت فقط أن اخبركم بأن والدتي ربتنا خمس أشقاء و إنستاسيا السادسة معنا بعد لحاق والدي بوالديها . و كانت لزاماً أن أحضر حفل زفافها . و كأن كل الحجج و المبررات قد توارت أو آثرت الرحيل فلم أنجح في الوصول لأي منها . اي نوع من العبث هذا ؟!!! . كيف أزفها أنا بيدي لأخر .وهل هذا الأخر إستنشق العشق لها يوماً بعد يوم مثلي . هل راقبها و هي تكبر عاماً بعد عام و كأنها لوحة ترسم أو وقائع تتجمع لتصنع حلم . و هي التي عشت عمراً أتمناها و إذا كان الكتمان خطأ و التلميح دون الإعتراف الصريح خطأ ف أيا ما كان حجم هذا الخطأ . كيف يكون عقاب الحياة عليه بهذه القسوة ؟!!! و كيف لم تنتبه هي أو لعلها إنتبهت لكنها لم تكترث . لم يعد ذلك مهم ف ها هي دقائق مهما كثرت قليلة و تذهب لبعيد . لبيت كنت أحلم أنا أن تشاركني الحياة فيه . و لأول مرة أشعر بكم هي طقوس الزفاف سخيفة و كم هي الأوقات التي تسنغرقها هذه النوعية من الحفلات ثقيلة و مملة و فاترة . كنت أتحرك بين الحضور كإنسان آلي مبرمج على إستقبال الضيوف المدعويي و الترحيب بهم و يشرف على التأكد من تقديم واجب الضيافة لهم لكن ذلك الشخص يقيناً لم أكن أنا حتى آتت تلك اللحظة التي هي تحديداً بدت لي ك مشهد من فيلم ( هكذا تكون الحياة في الحجيم ) حين عزف الدي جي موسيقى هادئة و تمت تهدئة الإضاءة و قاما العروسان لإداء تلك الطقوس السخيفة التي يطلق عليها رقصة الإفتتاح . و إنتظرت أن تنقطع الكهرباء كما يحدث دائما . أو أن أحد المدعويين أو العريس نفسه يصاب أيا منهم بسكتة قلبية مفاجئة فلم يحدث . و بدأت وقائع هذا التهريج و بدأ منسوب الدم المتدفق إلى خلايا مخي يزداد و بدأت نبضات قلبي تقرع لا تنبض في غضب و بدوت أنا من على وشك الهلاك . و هنا قررت أن أرحل عن هذا الحفل الجنائزي بالنسبة لي . لا يقل له أحد أن هذا طبيعي و معتاد و أنها سارت زوجته الآن ف لن يجد مني آذان صاغية للإستماع لهذا الهراء . هي حبيبتي و إن كنت أخطأت أنا أو تغافلت هي فلما لم نمنح فرصة ثانية على الأقل من على سبيل الإستثناء . من حق كل إنسان فرصة ثانية . الغريب أن سنوات كثيرة مرت و إلتقيتها في مناسبات عائلية مختلفة و حضرت أفراح أولادها و حضرت هي أفراح أولادي لكني ظللت متمسكاً بأمران الأول عدم تقبل ذلك السخيف الذي أخذها مني ولا تسألني ما سبب سخافته فكل من كان سيأخذها مني كنت سأنعته بذلك و ظل الرجل لا يفهم لماذا دائما أعامله ببرود و جفاء و بشيء أقرب للتحفز تجاهه حتى ذهب أخيراً للقاء ربه (و الحمد لله ) . و الأمر الثاني أني و إلى الآن أكره تلك اللحظة التي يهدئون فيها الإضاءة و يعلنون أنه حان الآن موعد رقصة الإفتتاح بشكل ما يبدو أني سرت معقد من ذلك الطقس الذي لم أزل أراه سخيف و الغريب أنني إلى الآن أعتقد أنه لم يزل في الحكاية تفاصيل اكثر من يدري ربما يحدث و ربما تكون محض تخاريف لرجل لم يزل يأبى الإعتراف بانه سار جد و عليه أن يتوقف حتى في الأحلام عن مثل هذه النوعية من السرد .
0 تعليقات
شاركونا بآرائكم وتعليقاتكم