قال لي صديق:
متى وُلد البخاري؟
قلتُ: ١٩٤ هـ
فقال: ومتى توفى النبي ﷺ؟
قلت: ١١ هـ
قال: أيعقل أن يأتي البخاري بعد كل هذه الفترة ويجمع السنة؟!
فقلت: أتعرف القارئ الشيخ الدكتور علي الحذيفي إمام الحرم النبوي الشريف ؟
فقال: وما علاقته بالبخاري؟
قلتُ: أجب فقط.
قال: نعم أعرفه وأسمع له.
قلت: أتدري أن علي الحذيفي عنده إجازة في القرآن الكريم تلقاها عن شيخه، وشيخه تلقاها عن شيخه، وشيخه تلقاها عن شيخه... إلى أتباع التابعين عن التابعين عن الصحابة عن رسول الله ﷺ؟
قال: نعم.
فسألته: كم هو عدد الرجال بينه وبين النبيﷺ؟
فقال: أكيد عدد كبير قد يصل إلى الآلاف!!
فقلت له: هل تصدقني إن قلت لك إننا الآن في عام ١٤٤٣ / ٢٠٢٢ أن بين علي الحذيفي والنبي ﷺ (٢٩) شخص فقط!!
قال: كيف؟
فقلت: إن قسمت عدد السنوات الهجرية ١٤٤٣ على ٢٩ شخصاً تجد ٥٠ سنة تقريبا (يعني إذا كان متوسط عمر الشخص ٥٠ سنة ستغطي هذه الفترة التي تراها كبيرة.. فما بالك بالبخارى الذي بدأ دراسة الحديث في ٢٠٤ هجري! (والبخاري له أسانيد ثلاثية بينه وبين النبي ﷺ ٣ رجال فقط، رجل من أتباع التابعين وتابعي وصحابي).
فقال: وهل هناك من كتب قبل البخاري؟
قلتُ: هذا ما يريدون أن يقنعوك به أن البخاري أول من كتب وجمع الحديث!!
فهل تعلم أن هناك ما يقرب من (٢٥) مؤلفاً حديثياً قبل البخاري!
(منهم همام بن منبه وابن جريج ومعمر بن راشد وابن أبي عروبة وسفيان الثوري والليث بن سعد ومالك بن أنس صاحب الموطأ وغيرهم).
فقال: ولماذا كل هذا الضجيج حول البخاري وحده؟
قلتُ: لأن البخاري كان حازمًا في الجمع (يشترط اللقيا بين الرواة لقاء التلميذ لشيخه لشيخه لشيخه الى الصحابي ثم النبي ﷺ، وينظر في حفظهم وضبطهم وعدالتهم)؛ فالتشكيك فيما جمعه يسهل عليهم التشكيك في غيره!!
فقال: ولماذا التمسك بالأحاديث التي يُثار حولها شبهات؟!
فقلت: إذا جعلنا هذا مبدأ لنا، فلماذا لا نحذف بعض آيات القرآن الكريم التي تثار حولها شبهات وافتراءات من طرف المستشرقين والملاحدة والحداثيين؟!
فقال: لا؛ لأن القرآن وصلنا عن طريق التواتر الذي لا يستطيع التشكيك فيه إنسان عاقل!!
(التواتر هو نقل جمع عن جمع عن جمع يستحيل تواطؤهم على الكذب).
قال: وما الهدف من التشكيك في السنة والتمسك بالقرآن وحده؟
قلت: هذا ما يسعى إليه أعداء الإسلام يريدون أن يشككوا الناس في السنة، ويقنعوهم أن يكتفوا بالقرآن وحده؛ كي يفسروه للناس حسب أهوائهم وأفكارهم (آيديولوجياتهم)؟
القرآن يستحيل فهمه وتطبيقه دون السنة النبوية (كالصلاة والحج وإيتاء الزكاة وكثير من الأحكام لم تفصلها الآيات القرآنية، بل النبي ﷺ هو الذي علمنا كيف نصلي ونحج ونزكي، وكانت سيرته العطرة تطبيقًا واقعيًّا للقرآن الكريم وهذا الدين العظيم).
.
0 تعليقات
شاركونا بآرائكم وتعليقاتكم