المومياوات تُلقى في النهر، والهرم أصبح خاويًا



اجتاحت البلاد في نهاية عصر الدولة القديمة بعض القلاقل السياسية والاجتماعية نتيجة للضعف الذي أصاب السلطة المركزية أدت لظهور فئة من الأشراف في أقاليم مصر أخذت تزداد نفوذها حتى كونت ممالك صغيرة مستقلة، انتهى بها الأمر إلى فوضى عارمة ضاعف من خطورتها ظهور مشاكل إقتصادية، واستمرت البلاد في هذا الوضع غير المستقر مدة نحو 200 عام فيما يُعرف تاريخيًا باسم عصر الإنتقال / الإضمحلال الأول ..

شهدت مقدمات هذا العصر أحداث مؤسفة بشكل كبير على رأسها سلب ونهب المقابر الملكية والغير ملكية على حد سواء بحثًا عن الكنوز التي تحويها تلك المقابر ..

وسُجلت أحداث تلك الفوضى بأحد أهم وأشهر النصوص الأدبية في التاريخ المصري وهو ما يُعرف بـ مرثيات إيبو ور أو نص معاتبة الحكيم إيبوور، وهو نص مسجل لمعاتبة قام بها الحكيم المصري إيبو ور لأحد ملوك الأسرة السادسة ويُرجح أنه الملك ببي الثاني، وقد وصف فيها أحداث الثورة الاجتماعية الأولى في التاريخ والتي قامت على أرض مصر ويصور لنا مدى الفوضى والدمار والخراب الذي حل بالبلاد متأثرًا بما آلت إليه، ويُقدم بعض الحلول للملك عله يُنقذ ما يمكن إنقاذه، وتتضمن البردية على ما يُعد أول توثيق لسرقة الهرم والمقابر الملكية في عهد مصر القديمة حيث يذكر :

"ذلك الذي كان قد دُفن بصفته صقرًا إلهيًا (بمعنى ملك)، هو الآن فوق محفة، (شأنه شأن أي مواطن عادي) والهرم منذ الآن أصبح خاويًا."

ويذكر إيبو ور أيضًا بعبارات مأساوية أن الناس أصبحوا لا يدفنون موتاهم، كعلامة على مدى انتشار الفوضى وحجم الخراب فيقول 

"فكثير من الموتى يُلقى بهم في النهر. المياه هي القبر

كما يتحسر على ضياع أسرار التحنيط وكذلك نقص المواد اللازمة لدفن المومياوات فيقول 

"لا يُبحر أحد إلى بيبلوس هذه الأيام. كيف سنتصرف للحصول على خشب الأرز من أجل مومياواتنا."

"الأموات الذين كانوا في المكان الطاهر يوضعون فوق المرتفع في الصحاري ويتركون لأن أسرار التحنيط قد ضاعت

وهكذا وثقت بردية الحكيم إيپو ور أحداث الثورة الاجتماعية الأولى ومقدمات عصر الإنتقال الأول وكذلك قدمت صورة كاملة لنهاية عصر الدولة القديمة .

البردية محفوظة حاليًا بالمتحف الوطني الهولندي للآثار في ليدن ..