" ما هي آثار هذا النوع من التنظيم علي الإنسان؟ إنه يجعل من الإنسان عجلة للآلة تحكمه تواتراتها ومتطلباتها نفسها، ويحوله إلي homo consumens إنسان مستهلك شامل، هدفه الوحيد هو أن يحصل علي أكثر وأن يستخدم أكثر. هذا المجتمع ينتج كثيراً من الأشياء غير النافعة وبنفس المستوي، كثيراً من الناس غير النافعين. والرجل، بوصفه عجلة لآلة الانتاج، يصبح مادة ويكفء عن ان يكون إنسانياً. فهو يقضي وقته في عمل أشياء لا ينتفع بها، ومع أناس لا يهتم بهم، إنه الرضيع الأبدي، مفتوح الفم، ال "مرحب" "بلا جهد ولا نشاط داخلي، بما توهمه به الصناعات الوقائية من الضجر (والتي تنتج الضجر) - من سجائر وكحول وأفلام وتلفزيون ورياضيات وقراءات - لا يحده سوي إمكانياته المالية وحدها. ولكن الصناعة الوقائية من السأم، أي صناعة توزيع المستطرفات (gadgets)، صناعة السيارات، الصناعة السينمائية، صناعة التلفزيون الخ ... لا يمكنها ان تنجح إلا في الحيلولة دون أن يصبح السأم واعياً إن هذه الصناعات تزيد في الواقع السأم، كما يؤخذ المشروب المملح لإرواء العطش فإذا به يزيد في حدته. فمهما كان لا شعورياً، فإن السأم يبقي مع ذلك السأم. لقد تنبأ ماركس بوضوح بالغ بآثار الاستهلاك المتزايد".