بأحدى زياراتي لمستشفى الأمراض النفسية  ، وبينما جميع الزملاء يتحدثون مع الطبيب ، لمحتها جالسة وحدها  ،  تنظر إلينا  ،  وأبتسامة غريبة على مُحَياها 

شتدني تلك النظرة  ، وأتجهت نحوها  ، وجلست قُبالتها   ،،  لكنها لم تنتبه لي  ، ولم تتغير تلكَ النظرة المبهمة  

أمسكتُ يدها  لعلها تُعيرني أنتباهها  ،  لكن لم يتغير شيء 

سألتُها  ،  ما أسمك   ،، عندها أنتبهت ونظرت لي  ،، وقالت 

هل يعنيكي أسمي ، أو يُغير من واقعي بشيء 

بهذا المكان نحنُ مجرد حالات 

أستغربت أجابتها  ، وتولد بداخلي فضول أكبر للتعرف عليها  ، وقبل أن تنطق شفتي بحرف ، هَمستْ وكأنها تُخاطبُ شخصاً أمامها 

الحياةُ ليست عادلة ، لذى هربتُ منها لهذا المكان 

لم أعد أُطيق حياة العُقلاء   ،  أو من يدّعونَ ذلك

إنها غابة والكل ذئاب لا يرحمون الضعفاء

أذهلتني أجابتها   ،،. فقلت 

الحياة اجمل خارج أسوار هذا المصح  

عندها نظرت لي وحدقت بعيني 

فلمحتُ دموعاً كاللؤلؤ تلمع بمقلتيها

أجابتني بعد أن أمسكت بيدي 

سيدتي عندما نُخذلْ  من أقرب البشر  إلينا 

ولا نجد  شخصاً واحداً يتشارك معنا بأخلاقنا وصفاتنا

نتوه بهذه الدنيا ، وتصبح الحياة أمراً صعباً وأقرب للمستحيل 

ولما كانَ الأنتحار كُفراً  ، أعتزلت هذا المجتمع الظالم  ، وخلقتُ لي عالمي 

بعدها سحبت يَدها  ، ورجعت لعينيها تلكَ النظرة الغريبة 

عندها عرفت أنها لم تعد معي  ،، بل رحلت لعالمها الطيب 

الذي خلقته من رُكام أحزانها 

تركتها لعالمها  ، وبداخلي يقين   ،  إنها أكثرنا شجاعة