تعتبر مدينة فاراناسي الهندية من أقدم المدن في التاريخ، وهي لا تزال تعيش بعيداً عن التطور لأنها تُعتبر العاصمة الروحية للديانة الهندوسية منذ ألف عام كونها تحوي نهر الغانج المقدس الذي هو قبلة لكثير من الهنود للاستحمام فيه وتطهير الجسد والروح

لذا كرّست فاراناسي لتكون "مدينة الموت". فالموت فيها يعتبر فناً يدعو للاحتفال، وتقليداً للعبور من جانب لآخر، لدرجة جعلت شوارعها تمتلئ بالأشخاص الذين يمارسون تقاليد متعلقة بالموت.


وسبب شهرة هذه المدينة بين أتباع الديانة الهندوسية كوجهة للموت، هو إيمانهم بأن إحراق جثثهم فيها سيحرر أرواحهم، وسيجعلها جزء من الروح الإلهية الخالدة في النعيم.فبعد لف الجثة في ثوب، ورشها بمساحيق وزيوت مختلفة الألوان والروائح، يتم حرقها باستخدام حوالي 400 كلغ من الخشب، ورميها في النهر بعد تحولها إلى رماد، وذلك كي تنعم الروح بالسلام الأبدي حسب معتقدات الهندوسية وتبدأ رحلة تحرر الروح تلك على عتبات الدرج الذي يقود إلى نهر "غانغ" في طقس غنائي، حيث توجد المحارق التي تستعمل في الجنازات

ويتم حرق الجثة هناك أمام جموع من المشاهدين الذين يرقصون و يغنون فرحا بذاك الحدث المعظم

ما جعل تجارة الموت مزدهرة بشكل كبير، حيث توجد فنادق خاصة للأشخاص الذين على “فراش الموت”، مثل فندق “كاشي لاب موكتي بافان”، الذي لا يقبل سوى النزلاء الذين من المتوقع أن يوافوا منيتهم في فترة لا تتجاوز الـ 15 يوماً، ما يعني أن الفندق يوفر أسرّة للموت ليكون الميت قريب من محل الحرق متمنيا ان ينال شرف حرقه و ينال بذلك الخلود

وبالرغم من تلوث مياه نهر غانغ برماد الموتى وغيرها من الملوثات الأخرى إلا انه يعد لدى الهندوس ممثلا للنقاء والطهارة حيث يستحمون بمياهه ويغتسلون وينثرون رماد موتاهم فيه، مايجعل تفوح منه رائحة الدخان وأجساد الموتى المحترقين

بالنسبة للمتدينين من أتباع الديانة الهندوسية، فالمدينة هي المكان الأمثل لمفارقة الحياة.ويعيش أغلب سكانها على لحوم جثث البشر، ويستخدمونها كفراش ينامون عليه، ويشربون الماء من الجماجم البشرية، ويعتقدون أن هذه الطقوس تمنحهم القوة والطاقة كما ان العبادة عندهم تقوم على التجرد من الملابس و تعاطي المخدرات و اقصى درجة الهلوسة و السكر هي درجة التأمل و الارتقاء الديني بالنسبة لهم