احرصوا على صلاة الكسوف غدا:

وهذا تذكير بأحكام صلاةِ الكُسُوفَيْنِ [مستلةً من المختصر الفقهي]


باب صلاة الكسوفين: 

يعني كسوف الشمس وخسوف القمر.

ويجوز إطلاق أحدهما على الآخر. والتفصيل أَفْصَح.

وهاتَيْن آيتَيْن من آيات الله العظمى، والمؤمن يخشى من العذاب لأنهما تخويفٌ من الله لعبيده، ومعنى التخويف: التذكيرُ باليوم الآخِر، إذ يَخْتَلُّ نظام الكَوْن ويزولُ.

والخسوف والكسوف نوعُ اختلالٍ لنظام الكَوْن من شمسٍ وقمرٍ وأرضٍ.

وسبب الكسوف منعُ القمر شعاعَ الشمس عن الأرض لوقوع القمر بينهما، والخسوف منعُ الأرض شعاعَ الشمس عن القمر لوقوع الأرض بينهما.



وفي الصحيحَيْن عن طريق جماعةٍ من الصحابة رضي الله عنهم أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُما فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حتَّى تَنْكَشِفَ)[1].

فإنْ وَقَعَ أَحَدُهَما صَلَّى المسلمون رَكْعَتَيْن لقوله صلى الله عليه وسلم المُتَقَدِّم.


وحُكم الصلاة أنها سُنّةٌ.

وصفة هذه الصلاة: أنْ يقرأ الفاتحةَ ويقرأ ما شاء من القرآن، ثم يركع، ثم يقومُ ويقرأ الفاتحةَ وما شاء من القرآن، ثم يركع، ثم يعتدل ثم يسجد، وهكذا يصنَعُ في الرَّكْعة الثانية، ثم يأتي ببقية الصلاة حتى يُسَلِّم.


ويُسَنّ إطالة الصلاة حتى تزول الآية. ففي كل رَكْعَةٍ ركوعان وقراءتان.

وتُسَنُّ جماعةً وجهريةً.

ويُنادَى لها بقولهم: الصَّلاةَ جَامِعَةً[2].


وتُصَلَّى انفرادًا كذلك، لمطلق أمره صلى الله عليه وسلم: (فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُما فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا). وقد ثَبَتَ عن الصحابة صلاتها فُرادَى كما ثَبَت عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما.

ويُصَلِّيها المسافر والمقيم.


وتُسَنُّ الصلاة عند كل آية عظيمة كالزلزلة، قالها الشافعي رحمه الله، ولم يُسْتَحب الاجتماع لغير الكسوفين.

وقال الشافعي: صَلَّى عليٌّ رضي الله عنه في زلزلة جماعة، وقال: إنْ صَحَّ قُلتُ بهِ.


ويُسَنُّ الذكر والاستغفار والتوبة والتصدّق حال هذه الآية.

ويُسَنُّ لها الخطبة؛ يوعَظُ الناس بها لحديث عائشة رضي الله عنها: فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قالَ... الحديث[3].


وإنْ أَدْرَكَ المأموم الإمام في الركوع الثاني، قال الشافعي: لم يَكُنْ مُدْرِكًا لتلك الرَّكْعة.

وهذا مشهور المذهب.

وقال صاحب (التقريب): كانَ مُدْرِكًا للرَّكْعة (البيان للعمراني).


————————————-

([1]) البخاري (1043)، مسلم (914).

([2]) الصلاةَ: بالنصب للإغراء، وجامعةً: حالٌ منصوب. لحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نُودِيَ إِنَّ الصَّلاَةَ جَامِعَةٌ. البخاري (1051)، ومسلم (910).

([3]) البخاري (1044)، ومسلم (901).