يحكي أن قوماً فساق .. أمروا امرأة ذات جمال أن تتعرض للربيع بن خثيم فلعلها تفتنه ..وجعلوا لها إن فعلت ذلك ألف درهم ..


فلبست أحسن ما قدرت عليه من الثياب .. وتطيبت بأطيب ما قدرت عليه ..ثم تعرضت له حين خرج من مسجده .. فنظر إليها .. فراعه أمرها فأقبلت عليه وهي سافرة ..

فقال لها الربيع : كيف بك لو قد نزلت الحمى بجسمك فغيرت ما أرى من لونك وبهجتك ؟ أم كيف بك لو قد نزل بك ملك الموت فقطع منك حبل الوتين ؟ 

أم كيف بك لو قد ساء بك منكر ونكير ؟

فصرخت صرخة .. وبكت .. ثم تولت إلى بيتها .. 

وتعبدت .. حتى ماتت ..

وذكر العجلي في تاريخه :

أن امرأة جميلة بمكة وكان لها زوج فنظرت يوماً إلى وجهها في المرآة ..

فقالت لزوجها : أترى يرى أحد هذا الوجه ولا يفتتن به ؟!

قال : نعم .. قالت : من ؟! قال : عبيد بن عمير العابد الزاهد في الحرم ..

قالت : أرأيت إن فتنته .. وأكشف وجهي عنده ..

قال : قد أذنت لك ..فاتته كالمستفتية فخلا معها في ناحية من المسجد الحرام ..فأسفرت عن وجه مثل فلقة القمر ..

فقال لها : يا أمة الله .. غطي وجهك واتق الله ..

فقالت : إني قد فتنت بك ..

فقال : إني سائلك عن شيء .. فإن أنت صدقت .. نظرت في أمرك ..

قالت : لا تسألني عن شيء إلا صدقتك ..

قال : اخبريني .. لو أن ملك الموت أتاك يقبض روحك .. أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة .. قالت : اللهم لا ..

قال : فلو أدخلت في قبرك فأجلست للمساءلة .. أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة ؟.. قالت : اللهم لا .. 

قال : فلو أن الناس أعطوا كتبهم ولا تدرين تأخذين كتابك بيمينك أم بشمالك .. أكان يسرك أنى قضيت لك هذه الحاجة ؟

قالت : اللهم لا ..

قال : فلو أردت المرور على الصراط ولا تدرين تنجين أم لا .. كان يسرك أنى قضيت لك هذه الحاجة ..

قالت : اللهم لا ..

 قال : فلو جيء بالموازين وجيء بك لا تدرين تخفين أم تثقلين .. كان يسرك إني قضيت لك هذه الحاجة ؟

قالت : اللهم لا .. قال : فلو وقفت بين يدي الله للمساءلة .. كان يسرك إني قضيت لك هذه الحاجة ؟ قالت : اللهم لا ..قال : فاتقي الله يا أمة الله .. فقد أنعم الله عليك وأحسن إليك .. فرجعت إلى زوجها .. فقال :

ما صنعت ؟ قالت : أنت بطال .. ونحن بطالون .. الناس يتعبدون ويستعدون للآخرة .. وأنا وأنت على هذا الحال ..

فأقبلت على الصلاة والصوم والعبادة .. حتى ماتت ..

وكلما كانت المرأة بربها أعرف .. كانت منه أخوف .. 

فإذا قارفت ذنباً أو معصية .. رجعت إلى ربها تائبة مفضية ..

تخاف من ويلات الذنوب .. وتترك لذة عيشها .. في سبيل أن تلقى ربها وهو راض عنها ..

فيغفر الله ذنبها..ويستر عيبها..وهو الذي يفرح بتوبة عباده إذا تابوا إليه..

في الصحيحين :

أن امرأة  .. كانت متزوجة في المدينة ..

وسوس لها الشيطان يوماً .. وأغراه برجل فخلا بها عن أعين الناس .. وكان الشيطان ثالثَهما .. فلم يزل يزين كلاً منهما لصاحبه حتى زنيا .. 

فلما فرغت من جرمها .. تخلى عنها الشيطان .. 

فبكت وحاسبت نفسها .. وضاقت حياتها .. وأحاطت بها خطيئتها .. حتى أحرق الذنب قلبها .. 

فجاءت إلى طبيب القلوب صلى الله عليه وسلم.. ووقفت بين يديه .. ثم صاحت من حرّ ما تجد .. قالت :

يا رسول الله .. زنيت .. فطهرني ..

فأعرض عنها .. فجاءت من شقه الآخرَ .. فقالت : يا رسول الله .. زنيت .. فطهرني ..

فأعرض عنها لعلها أن ترجع فتتوب بينها وبين الله ..

فخرجت .. من عنده .. والذنب يأكل فؤادها .. 

فلم تطق صبراً .. 

فلما جلس صلى الله عليه وسلم في مجلسه من الغد فإذا بها تقبل عليه ..

فتقول : يا رسول الله .. طهرني ..

فأعرض عنها .. فصاحت من حر فؤادها .. قالت : يا رسول الله .. لعلك تريد أن ترددني كما رددت ماعزاً .. والله إني لحبلى من الزنا ..

فالتفت إليها صلى الله عليه وسلم .. ثم قال : أما لا فاذهبي حتى تلدي .. 

فخرجت من المسجد .. ومضت إلى بيتها .. تجر خطاها .. قد كبر همها .. وضعف جسدها .. ودمعت عينها .. 

ذهبت تعد الساعات والأيام .. والآلام تلد الآلام .. 

فلما مضت تسعة أشهر .. ضربها المخاض .. فلم تزل تتلوى من الألم حتى ولدت ..

فلما ولدت .. لم تنتظر نفاسها .. بل .. قامت من فراشها .. وحملت وليدها في خرقتها ..

ثم مضت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ثم وضعته بين يديه .. 

وقالت : هذا قد ولدته يا رسول الله .. فطهرني ..

فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إليها .. فإذا هي في تعبها ونصبها .. ونظر إلى وليدها فإذا هو صبي في مهده .. يتلبط بين يدي أمه .. 

فقال : اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه .. فذهبت .. وغابت سنتين كاملتين .. عاشتها مع فلذة كبدها .. يتقلب في حضنها .. 

تغسل وجهه بدمعاتها .. وتودعه بنظراتها .. 

فلما فطمته من الرضاع .. لفت عليها ثيابها .. ثم خرجت بولدها من بيتها .. وناولته في يده كسرة خبز .. ثم أتت به يمشي معها .. حتى وقفت به بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

فقالت : هذا يا نبي الله .. قد فطمته .. وقد أكل الطعام .. فطهرني ..

فدفع النبي صلى الله عليه وسلم .. الصبي إلى رجل من المسلمين .. ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها .. وأمر الناس فرجموها حتى ماتت ..

نعم ماتت ..

لكنها .. غسلت وكفنت .. وقام صلى الله عليه وسلم ليصلي عليها .. وهو يقول :

لقد تابت توبة .. لو تابها سبعون من المدينة لقبل منهم .. هل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها ..

ماتت .. وجادت بنفسها في سبيل الله ..

ماتت .. فطوبى لها .. وقعت في الزنى .. وهتكت ستر ربها .. وشهدت الملائكة الكرام .. واطلع الملك العلام ..

لكنها لما ذهبت اللذات .. وبقيت الحسرات .. 

تذكرت يوم تشهد عليها أعضاؤها التي متعتها بالزنا.. 

رجلها التي مشت بها.. يدها التي لمست بها.. لسانها الذي تكلمت به.. 

بل تشهد عليها .. كل ذرة من ذراتها .. وكل شعرة من شعراتها .. 

تذكرت حرارة النيران .. وعذاب الرحمن .. 

يوم يعلق الزناة بعراقيبهم في النار.. ويضربون عليها بسياط من حديد.. فإذا استغاث أحدهم من الضرب.. نادته الملائكة : أين كان هذا الصوت وأنت تضحك.. وتفرح.. وتمرح.. ولا تراقب الله ولا تستحي منه.. !!


ذكر القصة ابن قدامة في كتابه التوابين