لا تجعل الدنيا أكبر همك  ، ولا تجعل الحياة تلهيك عن ذكر الله يا أخي فلا تعلم ما يخفيه لك القدر ، اهتم بأولادك وعلمهم ما ينفعهم في أمور دينهم ، فربما يوما دخلت الجنة بسببهم ، ولا تجعل همك جمع المال وتلهو عنهم وتشغلك الحياة كلها ، فربما يوماً تسيقظ ولكن بعد فوات الآوان ، لكم قصتي  فيها حكم وعبرة.... 

في يوم من الايام عاد الأب إلى منزله وكان يشعر بالجوع الشديد والارهاق ، من دوام  عمله الطويل وهنا قامت زوجته بحضار الطَّعامَ. له

  وقالت: بحزن والدموع في عينها  إن هادي يرفض تناول الطعام هَذّا اليَوم ، ويبكي في غرفته بحرقة منذ الصباح ، تعجب الأب من كلام الأم واتَّجَهَ مسرعا إلى غُرفةِ ابنهِ  هادي ليعرف لماذا يبكي ولا يريد تناول الطعام.دخل الغرفة وكان هادي يبكي بحرقة ، اقتربَ منهُ قائلا : ما الذي أصَابَك؟ لماذا تبكي يا هادي ماذا حدث لك يا ولدي... ولاكن لم يتوقف هادي عن البُكاء ولم يرد على والده.. 

قال الاب :بهدوء وود كبير ، ماذا حدث يا بني  هلْ أذاك أحد منْ اصدقائك ؟



هل حدث شيء في المدرسة ،ووبخك احد المعلمين ،

قال الطفل لأبيهِ : لا يا أبي لم يحدث كل هذا ، رد الأب بتعجب! حسنا قل لي إذا ما الذي يبكيك ويحزنك بتلك الطريقة يا هادي ، وهنا قال  الطفل : لقدْ مات اليوم العم راغب رحمة الله ، وهنا نظر الأب إلى ولده متعجا وقال : لا ابنه كل هذا الحزن وبكاء على ذلك الشيخ العجوز الحج راغب ... 

رد عليه ابنه وقال:نعم يا أبي 

قال الاب: بتعجب وهو يبتسم ساخرا :كل هذا البكاء يا هادي من اجل موت الشيخ العجوز ، لقد  شبعَ  الرجل منَ الحياةِ يا ولدي وماذا كان سيفعل في حياته بعد أن بقا علي قيد الحياة ، فلا اعتقد بان أي من أولاده  بكى لموتِهِ مثلَما تفعل أنت الآن ، ولا  اعتقد إن مت يوما سوف تبكي لوفاتي بتلك الحرقة كما تبكي الأن على الحج راغب يا هادي ، 

وقال الأب : تعالى يا بني لكي نتناول الطعام فانا سأموتُ منَ الجوعِ والتعب وكف عن البكاء ... هيا بينا 


نظرَ الطفل إلى ابيه بحزن وعتاب كبير لابيه قائلا : لا يا أبي لنْ أتوقَّفَ عنِ البُكاءِ  والحزن على عمي راغب ، لأنه كان ياخذني للمسْجِد لنصلي معا ، وحفظني القرآنَ الكريم كاملا ، وكان يتحدث معي في امور الدين ويهديني  إلى الصراطِ المستقيمِ، وكانَ يحبني ورعاني كأنني إبنه وينصحني بصدق وحب ويتحدث معي كل يوم  في امور كثيرة ، فكيف لا أبكي عليه وكان لي كل شيء في الحياة ،وأنتَ لا تعرف عني شيئ ابدا و لا تهتمَّ لأمري ، ولا تأخذني للمسجدِ يوما كما كان يفعل العم راغب رحمه الله ، ولم تهتم بصلاتي ولا  أصحَابي، ولم تنصحني يا أبي ، حتى إنك لا تصلي أبدا ولا تذهبُ للمسجدِ ، كل همك هو جمعَ المالِ فقط ولم تهتم لربك ولا دينك ، فلماذا سوف أبكي عليك  إن رحلت ماذا فعلت لي قل لي يا أبي مثلما فعل معي العم راغب رحمة الله ... 

وبعد انتهاء الولد عن كلامه قام الاب بحتضان ابنه وبدء يبكي بحرقة قلب


بعد سماع الاب كلمات ابنه.، قال:عندك حقٌّ يا هادي لم أكن أب صالح لك مثل الشيخ راغب رحمة الله ، وكنتُ مقصّرا معك كثيرا وتشغلني الدنيا عنك كثيرا  والآنَ عرفتُ أنني مخطىء في حقك كثيرا وان شاء الله سوف أُعوِّضكَ عن كل شيء مضا ،واعتني بك يا ولدي لاني كنت مشغولا عنك وعن اخواتك الصغار وهنا توقف هادي  عن البكاء وشعر بالسعادة لان والده سوف يهتم بيه ويراعيه كما كان يفعل الشيخ راغب رحمة الله