داخل احد غرف المستشفى ،وعلى أحد الأسرة الطبية حيث تستلقي تلك المرأة العجوز ،وبجانبها قد جلست تلك الفتاة الصغيرة بدميتها الأرنب في يدها...



كانت الصغيرة تداعب دميتها، وبين الفينة والأخرى تنظر لجدتها المريضة بالسرطان...السرطان القاتل!!...وفجأة ومن دون سابق إنذار جحظت عيني الجدة العجوز وبدأت في الصراخ قائلة:


-لا أريد الموت...لا أريد...أرجوكم أيها الأطباء أنقذوني...أريد الحياة...


قالتها بعينين جاحظتين ودموعها تنزل على خديها ،أما الفتاة الصغيرة فقد أسقطت دميتها من يدها مرتعبة من وجه جدتها المرعب.


-جدتي...مااا؟؟...مابك؟؟


قالتها الصغيرة بصوتها المتردد ،لتنظر الجدة العجوز بإتجاهها مبتسمة إبتسامة خبيثة وبصوت مليئ بالأمل قالت:


-هيا يا صغيرتي...أعطني حياتك...فأنا لا أريد الموت...سآخد حياتك وأعيش بها...


أصفر وجه الصغيرة ،وارتفعت دقات قلبها، وهي تتلقى كلمات جدتها كالصاعقة على قلبها الصغير...قلبها الذي فطر رعبا...رعبا من جدتها الحبيبة.


دخل الطبيب مسرعا بعد أن سمع صراخ الجدة الهائجة،لكنه تأخر فقد لفظت العجوز أنفاسها الأخيرة وعينيها لا تفارق النظر الى الفتاة الصغيرة التي حشرت نفسها في الزاوية خائفة...


-الجدة المسكينة لقد أرادت التشبت بالحياة لكنها ماتت...


قالها الطبيب بعد أن أغمض عيني الجدة مستديرا نحو الصغيرة التي لم يكن لها أي أثر داخل الغرفة...لقد اختفت فجأة....


-الصغيرة المسكينة...


قالها حاملا دميتها التي كانت لا تزال ساقطة على الأرض، ليضعها فوق الطاولة، بجانب جثة العجوز الراحلة...وفجأة أحس بحركة خلفة، إستدار مسرعا لكن لا شيء هنا سوى الفراغ،وبعد أن أعاد نظره بإتجاه العجوز صعق بإختفاء دمية الأرنب...


عاد الطبيب الى الخلف مرتعبا ،وفجأة ومن العدم ظهرت تلك الكلمات على الحائط "سآخد حياتك وأعيش بها..!!"


قرأها الطبيب ليهرع خارج الغرفة ،والمفاجأة تنتظره عند الرواق الأول ،إنها الصغيرة بدميتها الأرنب، إلا أن جسدها كأنه جثة تتحرك ،والأكتر رعبا هما عينيها الذان أصبحا مبيضتين.


-سآخذ حياتك وأعيش بها...


قالتها بصوت أكبر من عمرها ،مما دفع الطبيب للعودة الى الخلف مصطدما بشيء ما ،وبعد أن استدار ليرى ماخلفه ،جحظت عيناه وهو ينظر للصغيرة خلفه ودميتها في يدها ناظرة له بعينيها المبيضتين.


-أرجوك لا...لا تؤدني فأنا مجرد طبيب له عائلة...


لمحته بنظرتها المرعبة قائلة:


-وأنا مجرد صغيرة بلا عائلة ،والأن سآخد حياتك وأعيش بها...


قالتها ليبدأ الطبيب في الإختناق وبعد ثواني أصبح جثة هامدة....


وفي اليوم التالي كان كل من في المستشفى جثة هامدة ،وعلى كل جدار خطة تلك الكلمات ،"سآخد حياتك وأعيش بها.."


أغلقت المستشفى ،وأصبحت مكانا مهجورا كل من يدخل له لا يغادره ،والسبب هو تلك الفتاة الصغيرة التي انتقلت لها رغبة جدتها في الحياة ،إنها قصة أخرى من قصص أمل تحول ليأس...أمل بالحياة أصبح يأسا كله موت...