يُحكى أنَّ شاباً بدوياً كان يعيش مع والدته وكانت دائما توصيه أمه بأن لا يصاحب ( شخص ذو نيتين )

فقال لها : كيف لي أن أعرف أن له نيتين يا أمي

قالت : هو سيخبرك بأن له نيتين من تلقاء نفسه وبلسانه,,,


وبعد فترة ماتت أمه فحزن عليها كثيراً وبقي في البيت وحيداً ... وبعدها فكر بأن يبيع البيت ويرحل

فأشترى بعيرا وسلاحاً وأخذ باقي المال وسافر,,,

وفي الطريق ألتقى برجل مصاب مكسور الساق

يكاد يموت من العطش فنزل من على ظهر البعير واسقاه الماء وفك عمامته وربط ساق الرجل

وحمله على البعير وسارا وأثناء ماضيهم في الطريق اخذا يتبادلان اطراف الحديث!!!

فسأل الشاب : ما الذي اصابك وكيف اتيت إلى هنا

فقال الرجل : كنا في غزوة وأنهزمنا وأصبت في ساقي وهرب عني اصدقائي فأخذ الرجل المكسور يسأل الشاب عن حاله ... فأخبره وقال أمي : كانت لي أمآ ،، توصيني دائماً ان لا أصاحب من له نيتان

فقال الرجل: أنا ذو النيتين ، فضحك الشاب وسارا معاً ووصلوا إلى بئر في الصحراء

قال الرجل المكسور دعني انزل وأجلب الماء 

فقال الشاب : لا يا رجل أنت مريض ومكسور الساق أنا سأنزل فقط اربط الحبل في عنق البعير وأنزلني في البئر لملأ القربه وفي الثانيه لسقي البعير

فلما وصل ركوة البئر (الركوة صخرة بأسفل البئر بجانب الماء)

قطع الحبل "ذو النيتين" وسقط الشاب في قعر البئر

فنادى الشاب : يافلان الحبل

رد الرجل : انا اخبرتك من البداية ان لي نيتين

فقال الشاب : خذ البعير والسلاح والمال لك

لكن اخرجني من البئر

قال الرجل : لتقتلني 

قال : لك الله وامانه إلا اقتلك

قال : لا

ومشى ذو نيتين... تارك الشاب بالبئر وهو يتذكر مقولة أُُمه أن لا يعاشر ذو نيتين

فلما حل الظلام وانتصف الليل فإذا بطيور تحط على طرف البئر ... تتحدث مع بعضها فإذا هذين الغرابين الا من الجن!

فقال الغراب الاول : يافلان هل تعرف ابنة الشيخ فلان

قال الغراب الثاني : نعم

قال : أتذكر تلك البنت الجميلة التي تقدم لخطبتها الالاف من خيرة الرجال ورفضتهم

قال : نعم اذكره

قال : عملت لها سحر عظيم فأصبحت كالمجنونه

تقطع ثيابها وتصيح ولم يتقدم لخطبتها احد حتى اليوم  وفك هذا السحر جداً بسيط

قال : كيف

قال : يقرأون الفاتحه سبع مرات في ماء ويسقونها البنت فتشفى باذن الله

قال الغراب الثاني:

انت لم تصنع شيء ياصديقي ... هل تذكر مدينة الشيخ حارب المشهورة بالخضرة والمزارع والماء؟

قال : نعم

قال : صنعت لها سحر عظيم فجف ماء الابار وهي الآن خاوية على عروشها لا يسكنها احد

قال : كيف؟

قال : سددت الماء بمجمع العيون في البئر الذي يقع تحت الجبل وهو مجمع العيون فأصبح جافا من عملي وفك السحر جداً بسيط

فقال : كيف؟

قال: يقرأون خواتيم سورة البقرة والمعوذات في ماء ويصبونه على منبع الماء فينفك السحر ويعود يتدفق الماء

وكان الشاب في اسفل البئر يسمع كلام الجن وهي اشارة على ان الجن لا يرون بالظلام ولا يعلمون الغيب,,,

طلع الصباح فطارت الطيور فمرت قافلة بالبئر

فأنزلوا دلو بالبئر فأخذ الشاب الدلو فقطعه قالوا ربما جيلان البئر قطعت الحبل فأنزلوا الدلو الثاني فقطعه

والثالث فقطعه

قال كبير القافله : والله ان البئر فيها بلاء من ينزل فتشجع اشجعهم قال : انا انزل ... فلما وصل ركوة البئر فإذا بالشاب ينادي

فقال من نزل إلى البئر : بسم الله أأنت من جن ام انس

فقال : يا اخي انا انسي وقصتي كذا وكذا

فقال : لماذا قطعت الدلو ؟

قال الشاب : لو تعلقت بالدلو ورأيتموني لخفتم مني وتركتم الحبل وهربتم فسقطت فمت وانا امتح لكم الماء ( أمتح أي يخرج الماء بواسطه الدلو من البئر )

فخرج الرجل وقال لهم قصته

قالوا : والآن إلى أين انت ذاهب ؟ قال : إلى مدينة الشيخ حارب ومدينة البنت المسحورة

فقالوا : نحن في طريقنا إليها

فلما وصلو كان من يستقبل الضيوف هو شيخ القبيلة

فلما جلسوا عنده واكرمهم سمع الشاب صياح بالبيت

قال : يا شيخ ما الامر؟

قال : هذي إبنتي مريضه اصابها بلاء منذ 4 سنوات

ولم أجد حكيم ولا طبيب الا واتيتها به ولكن دون فائدة

قال : ما مكافئة من يجعل إبنتك تتشافى؟ قال : لك ماتريد.

فقال الشاب : أتزوجني إبنتك وتعطيني مالا

فقال : ابشر لك ما تريد ولكن هل تقدر؟

قال : هاتو لي ماء وكانت البنت تصرخ وتمزق ثيابها

فقرأ به ورش عليها واسقاها ففاقت واخذت تتستر

ودخلت عند النساء فشفيت بإذن الله

فقال أبوها: أطلب ...

فقال: مالا وتزوجني اياها

فقال: ولك مني بيت بجواري ايضاً قال : لا

اريد طريق المدينة التي جف ماؤها

قال الشيخ حارب : ماذا تريد من بلد ميت ليس فيه ماء ؟

قال : لي حاجه هناك

 تجهز وأخذ زوجته معه ورحل فلما وصل المدينة فإذا ليس فيها إلا ثلاث بيوت مسكونه والبقية هجرها أهلها بسبب الجفاف لأنهم يأتون بالماء من مسافات بعيدة ... فذهب إلى بيت الشيخ في المدينة

وقال : ماذا أصاب هذه الديرة

قال : كانت هذه الديرة غنية بالماء والخيرات ومنذ 4 سنوات أصابها قحط وجفت مياه الأبار وهي الأن كما ترى

فقال : ما لي إذا أرجعت ماء الأبار ؟

فقال : لك ماتريد لكن هل تقدر ؟

فقال : أريد مزرعه ومالا وبيت 

فقال : لك ذلك

فقال الشاب : أين البئر الرئيسة (مجمع العيون)؟

فقال: هنا

قال : هاتو لي ماء فقرأ عليه وصبه على منبع الماء

فأنفجر الماء كالنافورة وعاد الخير وأخذ المزراع بالعودة إلى ماكانت عليه  وعاش مكرم معزز عند الشيخ وأهل المدينة ... وفي يوم من الايام جاء رجل ضيفا على الديرة ..! فإذا هو ذو النيتين .فعرفه الشاب

وقال : فلان هل تذكرني؟

فقال ذو النيتين : لا

قال : أنا ذو نية الذي تركته في البئر

قال الرجل : وكيف أصبحت كما أرى؟

قال القصة كذا وكذا فخرج ذو نيتين مسرعا

فقال الشاب : إلى أين ؟ قال : إلى البئر قال : يارجل أنتظر وفي الصباح رباح

قال : والله ما أبيت إلا فالبئر الليلة فذهب أبو نيتين

فلما وصل ركوة البئر وجاء آخر الليل ، فإذا بالغرابين

يحطان على حافة البئر لانهم يجتمعون عند هذه البئر كل نهاية عام هجري ... فأخذوا يتحدثون

قال الغراب الاول: فلان هل علمت ماذا حل بإبنة الشيخ حارب؟

قال : ماذا؟

قال : أنفك السحر عنها.!

قال الاخر:

وسحري أيضاً المدينة التي كنت أحبس الماء عنها رجعت على حالها

قال أولهما : والله يافلان ... بظني عندما كنا نتحدث في تلك السنة أن شخصا ما كان في البئر وسمعنا

قال الثاني : ما رأيك أن ندفن هذه البئر المشؤمه؟

فدفنوا البئر على الفور فوق رأس أبوالنيتين ...

وهكذا كانت نهاية " صاحب النيتين "

"وعلى نياتكم ترزقون"