بوكاهانتس هى إحدى افلام شركة ذيزني لاند الشهيرة والتي حققت نجاح كبير وكان هذا الفليم أحد افلامها التي حفرت في ذاكرة الكثير من الأطفال لجمال هذا الفيلم، ولكن ما لا يعرفه الكثيرون أن القصة الحقيقة تم تحرفيها  بشكل شبه كامل لتكون كما شاهدتها في الفيلم.



في البداية سأحكي لك الفيلم بإختصار شديد ثم سأروي لك القصة الحقيقية المأساوية ل بوكاهانتس .


قصة الفيلم ..


أحداث الفيلم تبدأ  1604م  مع ذهاب الإنجليز إلى أراضي الولايات المتحدة الأمريكية عندما كانت تلك القارة لا تزال عبارة عن غابات وحقول واسعة خصبة يسكنها السكان الأصليين وهم الهنود الحمر .


ويدعي الفيلم أن سبب ذهابهم هو اعتقادهم بإمتلاك الهنود الحمر الذهب لذا يريدون الإستيلاء عليه وكان من بينهم شاب يسمى جون سميث وهو قبطان  وفور وصولهم بالسفن إلى هناك يبدأ قائد القبيلة قبيلة الهنود الحمر  في تحذير قومه من البرطانيين وأنهم اشرار واتبع الجميع النصائح إلا بو بوكاهانتس التي كانت ابنة كبير القبيلة و وقعت في غرام جون سميث ونشأت بينهم قصة حب وكانت بوكاهانتس مخطوبة لأحد شباب قبيلتها ويسمى كوكوم ولكنها لا تقبله لوجود اهتمامات مختلفة بينهم .


وبسبب هذه العلاقة قتل كوكوم  الذي كان يحاول أن يبعد بوكاهانتس عن جون سميث واشعل هذا غضب أهل القبيلة الذين  حكموا على جون سميث  بالقتل كإنتقام لهم على موت محاربهم كوكوم  وكاد أن يقتل لولا أن بوكاهانتس صرخت وألقت بجسدها عليه وهو مقيد لتحميه من القتل .


وهنا كان الفريقين كلاهما على وشك الاشتباك ما بين البرطانيين والهنود ولكن بوكاهانتس هدأت الموقف وسمح هذا للحديث عن السلام بين الطرفين ولكن شخص ما بين البرطانيين يسمى القائد راد كلف   أراد أن يقتل قائد القبيلة والد بوكاهانتس ليشعل الحرب فهجم عليه جون سميث ليمنعه فإصيب جون سميث بالرصاصة في صدره وأمسك البريطانيين ب راد كلف وإعادوه  إلى بريطانيا  وإعادوا جون سميث لانه مصاب وبحاجة للعلاج وهنا قررت بوكاهانتس البقاء مع قبيلتها وودعت جون سميث الوداع الاخير وانتهى الفيلم هذه النهاية الهادئة وعم السلام بين الطرفين وتوقفت النزاعات بين البرطانيين والهنود .


القصة الحقيقة..


تعود القصة الحقيقة للقرن السادس عشر، تحديدا في عام 1596 في هذا العام ولدت بوكاهانتس واسمها عند الميلاد هو  ماتا أوكا واشتهرت فيما بعد بلقب بوكاهانتس وهو لقب معناه الفتاة المرحة وهناك من فسر الاسم بمعاني أخرى، كانت بوكاهانتس شخصية عفوية وتعشق المغامرة، وهى ابنة كبير قبيلة باوتان اكبر قبيلة تسكن في امريكا الشمالية .


عندما ذهب البرطانيين إلى قارة أمريكا الشمالية بغرض احتلالها والاستحواذ على الأراضي الزراعية الخصبة التي يمتلكها و يعيش على أرضها الهنود الحمر بالملايين وكان من بينهم جون سميث الذي يبلغ من العمر 28 عام في ذلك الوقت، وفي هذا العام كانت بوكاهانتس تبلغ من العمر عشر سنوات فقط .


أجتاحت القوات البريطانية الغابات والأراضي الهنود الحمر بطمع ولكنهم وجدوا أنفسهم بعد فترة في مأزق يمنعهم من الاستمرار نظرا لحاجاتهم للطعام وعدد من الاحتياجات الأخرى وهنا ذهبوا إلى كبير   قبيلة باوتان  الذي هو كبير قبائل الهنود الحمر ويحكم ما يقرب من ثلاثين قبيلة كبيرة وطلب منه المساعدة وتقديم الطعام وغيرها .


وكانت لجهة جون سميث تحتوي على تهديد خفي إذا رفض كبير القبيلة مساعدته وكبير القبيلة كان في معضلة أخرى لأن هناك عدو أخر غير البرطانيين مترصد بأرضه وهم الاسبان الذين حضروا لنفس الغرض للإحتلال ارضهم والاستحواذ عليها .


لذا عرض كبير القبيلة  على جون سميث أن يقدم له كل ما يحتاج إليه من طعام وغيره من الأغراض بل وإعطائه قطعة واسعة من الأراضي وبها نهر عذب على أن يعقد معه اتفاق للوقوف معا ضد الاسبان .


كان العرض مغري ل جون سميث وبحاجة له فعقد الاتفاق مع قائد قبيلة الهنود الحمر وكانت بوكاهانتس بعمر العاشرة في ذلك الوقت وكان لديها فضول نحو البرطانيين وتختلط بهم وتستمع إلى الاتفاقات التي تحدث بين والدها وبين جون سميث ومن معه من البرطانيين .


وبعد أن حصل البرطانيين على ما يحتاجون إليه أرادوا نقض العهد مع كبير قبيلة الهنود الحمر وذلك للإستيلاء على كل اراضي الهنود الحمر  فأشاعوا نبأ مقتل جون سميث لأنه هو من عقد العهد مع قائد القبيلة وبالفعل شاع نبأ وفاته وفجأة اشعل البرطانيين الحرب مع الهنود الحمر وهنا مصدرين لسبب نشوء هذه الحرب .


المصدر الأول يقول إن البرطانيين بعد أن ثبتوا أقدامهم في اراضي الهنود الحمر أصابهم الغرور فبدأوا في أوقات فراغهم يمارسون الصيد ويقومون بقتل الهنود الحمر بغرض الترفيه .


والمصدر الثاني يؤكد أنها بسبب رغبة البرطانيين في تنفيذ ما حضروا من اجله وهو احتلال القارة الأمريكية والاستحواذ على الأراضي كاملة وليس فقط نصف اراضي الهنود الحمر التي أعطاها لهم كبير القبيلة بناء على الاتفاق، على كل حال بدأت الحرب وكان البرطانيين واثقين من الانتصار لتقدم اسحلتهم على أسلحة الهنود الحمر البدائيين ولكن حدث العكس لأن الهنود الحمر كانوا أكثر علما بتضاريس الغابات أكثر من البرطانيين بل وكانت أعدادهم كبيرة جدا أضعاف عدد البرطانيين والخسائر تزداد مع كل حرب مع الهنود الحمر.


وهنا أراد البرطانيين امتلاك شئ ثمين يجبر كبير قبيلة الهنود الحمر على الاستلام ووقف الحرب فإقترح شخص يسمى سامويل ارجول  أن يتم اختطاف ابنة كبير قبيلة باوتان  بوكاهانتس لإجباره على وقف الحرب.


 لأنهم خلال السنوات السابقة عاشوا مع قبيلة الهنود الحمر وعلموا مدى حب قائد القبيلة ل بوكاهانتس التي توفيت والدتها وهى تلدها وكان يعشق والدتها ويعشقها كثيرا وهى كبرى بناته وكانت بوكاهانتس في ذلك الوقت ذات ستة وعشر  عام وعلى الرغم أن بعض المصادر تقول انها كانت لا تزال فتاة لم تتزوج إلا أن الصور ومصادر أخرى أكثر ثقة تقول أنها كانت متزوجة وام  لفتاة صغيرة .


وبالفعل تم اختطاف بوكاهانتس  على يد سامويل وسجنها على أحد مراكب البرطانيين  وتم معاملتها بطريقة سيئة وقاسية  للغاية لدرجة تصل لتجويعها واعطائها فتات الطعام،  وفهم والدها أنهم يرغبون في اجباره آما على وقف الحرب أو محاولة إنقاذ بوكاهانتس والتعرض لخطر كبير لأنها وسط البرطانيين فرفض أن يوقف الحرب ولم يحاول أن يعرض حياة أفراد قبيلته في محاولة إنقاذها لأنها محاولة محكوم عليها بالفشل .


وظلت الحرب قائلة والخسائر تقع على الجانبين وبوكاهانتس تعاني في أسرها وسجنها بل إن البعض ذكر أنه تم الاعتداء عليها من قبل أحد الجنود البريطانيين .


إلى أن وصل للساحة شخص يسمى  جون رولف وهو صاحب مصنع للتبغ(الذي يصنع منه السجائر) حضر إلى أميركا من أجل الحصول كذلك على قطعة اراضي خصبة لزرع التبغ وكان لذلك الخبيث تفكير مختلف قليلا حيث يرغب في تحقيق ما يريد ولكن بطريقة ماكرة وغير مباشرة فعلم بكل ما يحدث وبدأ يتقرب ل بوكاهانتس ويقدم لها طعام جيد وملابس جيده في أسرها ومنع الجنود عن إساءة معاملتها مرة ثانية وكل ذلك بغرض كسب حبها لهدف ما سيتضح فيما بعد .


واتضح الهدف بعد قليل بأن عرض عليها الزواج منه واقنعها أن زواجه منها سينهي الحرب بين الطرفين وتعهد لها بأنها سيحترمها ويحقق لها ما تريد لو وافقت على زواجه وقام بإطلاق سراحها  وبالفعل وافقت بوكاهانتس على الزواج وتواصل ذلك الماكر مع والدها وأسرتها لإتمام الزواج بنفس الجحة وهى إنهاء الحرب .


ولكن الغرض الخفي له لإنهاء الحرب وعقد الصلح بين الطرفين هو رغبة جون رولف  في الحصول على قطعة واسعة من الأراضي الزراعية بمساعدة الهنود الحمر بالطبع وبعد الزواج اصطحب جون رولف بوكاهانتس معه إلى بريطانيا ومعها ابنتها الصغيرة فخشي والد بوكاهانتس أن يقوم البرطانيين بإلحاق الأذى بها وهى في بلادهم فرحل معها على نفس السفينة شقيقها وكان عمره خمسة وعشرون عام وترك زوجته وعائلته وقبيلته وكل شئ وذهب مع بوكاهانتس .


وبعد وصول بوكاهانتس لبريطانيا بدأت خيوط جديدة في خطة  جون رولف وتتضح شيئا فشيئا.


كان في ذلك الوقت قد شاعت الاخبار وانتشرت عن المذابح التي يرتكبها البرطانيين في حق الهنود الحمر السكان الأصليين لقارة امريكا وقد أشعلت تلك الأخبار الحقيقية التي نقلها المستكشفين الذين رحلوا إلى أمريكا بأنفسهم وشاهدوا بعض هذه المذابح بأنفسهم، أشعلت تعاطف وغضب جمهور غفير من الناس في الطبقات الراقية في بريطانيا وأصبح الناس ينظرون لهم على أنهم مجرمين يقتلون الأبرياء في أوطانهم للإستحواذ عليها وبدأت بعض من لهم تأثير في تهييج الرأي العام في بريطانيا ضد ما يفعله الجيش البريطاني وأمثالهم من الاسبان في الهنود الحمر.


فأراد  جون رولف  إن يحسن صورتهم أمام الطبقات  الراقية وأمام العالم  ولم يكن من اجمل من قصة حب جمعت بينه وبين ابنة قائد قبيلة الهنود الحمر وأخذت هذه القصة تروى للناس وطلب جون رولف  من بوكاهانتس أن تغير دينها لتصبح مسيحية وأصبحت ترتدي ملابس راقية ليحكي هو للناس كيف أن هذه الفتاة هى ابنة أحد الهمج الذي يرفض السلام مع البرطانيين وأنها مؤيدة للسلام والرقي الذي يرغب البرطانيين في نشره بين الهنود الحمر  الهمج .


وان هذه الفتاة تعارض سياسة والدها المتخلف ولذا تزوجت منه وتركت والدها وقبيلتها الهمجية وجاءت إلى بريطانيا العظمى .


وشئ أخر جعل بوكاهانتس تدرك ما يحدث حولها هو أنها وجدت سامويل  ارجول الذي اختطافها في الماضي وحبسها وعذبها أنه صديق مقرب لزوجها وليس هذا فقط بل هناك شئ اخر  وهو أنها رأت جون سميث في بريطانيا وهو حي يرزق وليس به ولو شعرة من الأذى.


 ومع استمرار زوجها في ارغامها على حضور مناسبات عدة ليكمل مسلسل من الأكاذيب التي خطط لها من قبل غضبت بوكاهانتس وبدأت تفضحه وتتحدث إلى أصدقائها عن الحقيقة وطلبت منه العودة إلى قبيلتها ووالدها الهمجي كما يصفه.


حيث كان  جون رولف  سوف يذهب إلى هناك لتحقيق باقي أهدافه وهنا اخبرها أنه موافق وسيصطحبها معه للعودة وبعد أن تناولت بوكاهانتس وجبة الغداء أصابها أعياء شديد بشكل مفاجئ  ومرضت وماتت بعدها بيومين فقط وعمرها واحد وعشرون عام عندما توفيت ودفنت في مقبرة جريف سانت في بريطانيا .


وأكد شقيقها أن زوجها قام بتسميمها في وجبة الغداء بعد أن أصبحت بدون فائدة لهم وأنها تكشف للناس الحقيقة بدلا من الأكاذيب .

ووالد بوكاهانتس مات بعدها بعام بسبب حزنه على بوكاهانتس وشعوره بالذنب أنه لم يستطع مساعدتها مرتين الأولى عندما خطفت والثانية عندما سممها زوجها.


كانت هذه هى قصة بوكاهانتس الحقيقية الحزينة وتلك القصة ذكرها دكتور فينسن شيلن  يعود أصله للهنود الحمر وقد قابل عدد من الهنود الحمر وكتب مقاله عن هذه القصة الحقيقة، وذكر أيضا عدد آخر ممن كانوا في الأصل هنود حمر معلومات مشابة عن القصة وكل المصادر تكذب جون سميث و جون رولف في قصتهم .


وواجهت ديذني لا فيما بعد انتقادات بتغييرها للقصة لجعل البرطانيين أكثر لطفا وبراءة .


والجانب الضئيل المشرق في القصة أنه على الرغم من الإبادات التي قام بها البرطانيين في حق الهنود الحمر إلا أن قبيلة باوتان لازال تعيش حتى يوما هذا في قارة أميركا وهى قبيلة مشهورة وتحكي تاريخها وتاريخ ما حدث وهم في ولاية فيرجينيا ولازالت لهم عاداتهم وطقوسهم وهناك تمثال كبير ل بوكاهانتس لتخليد ذكراها  .