تاخذ أنثى النسر عود من غصن شجرة وتطير به عالياً، وتظل تحلق هناك على علو مرتفع !

وعندما يتجمع حولها بعض النسور الذكور ترمي الأنثى بالعود، فيتسارع النسور في محاولة للإمساك به قبل أن يسقط على الأرض، ويعود به إليها أحدهم، وبكل رقة يسلمه لها، فتأخذه بمنقارها من منقاره، ولكنها ما إن تأخذه حتى ترمي بالعود إلى الأسفل من جديد، ومن جديد يعود أحد النسور بالعود إليها .

وهكذا تكرر الأنثى الرمي المرة تلو الأخرى ولمرات عديدة، والذكر الذي لا يمل من أن ياتي بالعود إليها ستختاره زوجاً لها !!

لماذا هي تفعل ذلك؟

هذا ما ستعرفونه لاحقاً 

بعد ذلك يطير الزوجان إلى مكان مرتفع بحثاً عن بقعة في أعالي الصخور لبناء عشٍّ لهم بعيداً عن الحيوانات المفترسة .

في العادة يتم بناء العشّ من أغصان خشنة قوية، ولكن وقبل أن تضع الأنثى بيوضها فيه، يبدأ الزوجان بنتف أنعم الريشات والزغب من جسديهما وتغطية العشّ بالكامل بها، كي يكون العشّ ناعماً دافئاً للصغار عندما يفقس البيض.

بعد التفقيس يحمي الأهل صغارهما من المطر أو الشمس بجسديهما و جناحيهما، وطبعاً لا يتوقفان عن جلب الطعام للصغار حتى يكبروا.

عندما يكتمل نمو ريش وذيل الصغار، يقرر الأهل أن الوقت قد حان !

فيجلس النسر الأب على حافة العشّ ويبدأ بهز العش بجناحيه هزّاً متواصلاً حتى يتخلص من كل الريش والزغب الذي غطيا به العشّ، لتظل فقط تلك الأغصان الخشنة القوية .

طبعا يتململ الصغار في مكانهم غير المريح هذ، والأم من ناحيتها تذهب لتصطاد شيئاً، ولكنها في هذه المرة لا تأتي بالأكل إلى العشّ كما كانت تفعل دائماً، بل تجلس على مرأى من الصغار ولمسافة لا تقل عن الخمسة أمتار، وتبدأ بالأكل لوحدها و ببطئ شديد، مثيرةً بذلك شهية الصغار الجائعة !

 وهنا يبدأ الصغار بأولى محاولاتهم للخروج من العشّ ومحاولة الطيران، غير أن العشّ عالي جداً فيهوي الصغير وهو الذي لا يعرف الطيران بعد في الهاوية السحيقة ..

وهنا يأتي دور الأب الذي يسارع إلى التقاط الصغير (تماماً كما كان يفعل مع العود)

ويجلسه على ظهره ويحلّق به الى الأعلى ويضعه من جديد في العش الخشن غير المريح للصغير الجائع، فيكرر الصغير المحاولة، ويكرر النسر الأب إنقاذه !!

وهكذا يتعلم صغار النسور الطيران .

وإذا علمنا أن أنثى النسر لا تضع أكثر من بيضتين إلى أربع أو خمس بيضات بالسنة، سنعلم حتماً لماذا هي تختار أبا متفانياً لصغارها .