في عام 1530م كان هناك ملك مسلم يحكم أفغانستان وأجزاء من الهند اسمه شيرخان كان أعجوبة في العدل

لم  يرى العالم له مثيل من بعد زمن الصحابة والتابعين .

كان للملك شيرخان جيش يحارب على حدود دولته فوق إحدى قمم الجبال وكان لأحد الفقراء هناك كوخ يعيش فيه واسرته..


واحتاج الجيش أن يزيل الكوخ لأمر خاص بالخطط العسكرية الخاصة بالجيش .

وبعد ما أزال الجيش كوخ الفقير ونزل الرجل من على الجبل إلى السهل المنبسط ولم يستطع التأقلم والعيش في السهول حيث كانت حياته مرتبطة بقمة الجبل والصيد فيها والإحتطاب ورعي الأغنام.


قرر الرجل الذهاب إلى الملك شيرخان ليشتكي له قائد الجيش لهدمه بيته، وعندما وصل المدينة التي بها مقر الحكم سأل عن الملك شيرخان فقيل له إنه عند أطراف المدينة يلعب مع الأطفال فظن الرجل ان الناس يسخرون منه لهيئته البسيطة .

فسأل آخرون فقيل له نفس الرد .

فذهب للمكان الذي وصفوه له خلف المسجد الكبير بالبلدة فوجد ساحة كبيرة وبها أطفال يلبسون أجمل الثياب وأغلاها ووجد الملك شيرخان يلعب مع الأطفال!!


ولما سأل من يقف بجواره: من هؤلاء الأطفال ؟

قال له : هؤلاء اليتامى من أطفال المسلمين .

قال الفقير: ولكن مظهرهم لا يدل على أنهم ايتام !!

فقال الرجل: اليتامي عندنا يلبسون ثيابا أفخر وأقيم مما يلبسه باقي أولادنا وهذا امر من الملك شيرخان أن يكون مظهر الايتام أعلى قيمة من باقي الأطفال .

فاستبشر الرجل في الملك العادل خيرا وظن بربه خيرا أن الله سيقضي له حاجته من الملك .

وفرغ الملك من اللعب مع الأيتام وذهب إليه أحدهم يبلغ الملك أن هناك غريب يريد الملك في حاجة له .

فقال لمحدثه: ولما لم توصله لي مباشرة فور أن حضر؟!... يا رجل ربما الغريب جائع أو خائف او غير آمن .. فكيف أسعفك فكرك إلى أن تؤخره عنا ؟!!.

سامحك الله يا رجل .. وكان يتحدث وهو في طريقه إلى الغريب خارج ساحة اللعب فلم يكن ليضيع الوقت مع محدثه والغريب ينتظر بالخارج..


ووقف الملك أمام الفقير وقال له بكل تواضع :

لبيك يا عبد الله .. أنا خادمكم شيرخان .. هل لك من مظلمة نقضيها لك بإذن الله تعالى ؟

فانبهر الرجل الفقير من الرد وتلجلج في الكلام ..!!

فطمأنه الملك وتبسم في وجهه وقال له: تحدث يا عبد الله ولا تخف من غير الله، فوالله لو كان حقك عندي لجعلتك تقتصه مني الآن .

فزاد انبهار الرجل وعدم تصديقه !!


فقال الفقير قصته على الملك شيرخان فقال له شيرخان : أبشر يا عبد الله فقد قضيت مظلمتك وهي في ذمتي الآن حتى يصلك حقك .

فأمر من فوره عقابا لقائد الجيش ان يؤخذ بيت قائد الجيش حتى يبنى للفقير بيتا فوق قمة الجبل وبجواره قلعة عسكرية بها ابراج للدفاع عن المنطقة ضد أي عدوان .

فزاد تعجب الرجل وهو يضرب كفا بكف !!

وحاول شكر الملك بكلمات الثناء والمديح فأوقفه الملك أن يكمل حديثه وقال بغضب وتواضع :

يا رجل لا تشكرنا ان أدينا لك حقك فهذا ليس مالي ولا مال أبي ، بل هو مال الله استخلفنا فيه لخدمة ضعفاء المسلمين قبل اقويائهم .

فوالله الذي لا إله غيره لأن أخسر المعركة ويأسرني العدو ويقطعني إربا تأكلني السباع والجوارح هو خير لي من أن ألقى الله يوم القيامة وفوق كتفى مظلمة فقير يحاججني بها بين يدي الله 


المصدر: تاريخ الإسلام في الهند لعبدالمنعم النمر