وجد مسافرٌ رسالةً مكتوبة بخط اليد في مطار سان فرانسيسكو، ومن شدة انبهاره بما وجد أحب أن يشارك حروف تلك الرسالة مع العالم.

نص الرسالة:

“تركتُ مؤخرًا علاقةً أرهقتني عاطفيًا، لم أتحمل فيها الأذى الذي ذُقته طيلة شهورٍ من الإهانات، والتُهم، والأكاذيب، والأوهام، والتعالي، والمشاحنات الليلية؛ لذا رحلتُ بقلبٍ مفطور، أيقنتُ أن كل يومٍ يمضي دون أن أفعل فيه شيء لنفسي وأواجه ما أنا فيه هو هدرٌ للروح.“

“تركتُ حبيبي، حُب السنوات الثلاث التي مضت، أعطيتُ نفسي أكثر من فرصةٍ خلال تلك السنوات لأتحمل، كان يتوسل، ثم يشتم، لكن في المرة الأخيرة قررت أن ينتهي كل هذا ونفترق، ليتلاشى هو من حياتي مثل حلمٍ سيء."

“على مدار تلك السنين الثلاث رأيتُ العالم بمنظوره هو، فلم تكن لي القدرة أن أُعرف نفسي دونه، كان مقرونًا بكل شيء، إلى أن ساءت الأمور ووجدت نفسي وحيدةً رُغم ما مر عليَّ من لُطف الأصدقاء والغرباء.“

“ لكن شعور الوحدة هذا ألهمني، جعلني حرةً، ففي لحظةٍ ما، قررتُ أن أتحرر من كل الذكريات الموجعة، الأسماء التي كان يدعونني بها، طيفه المدفون في أعماق دماغي، توقفتُ عن تصديق كل ما كان يقوله عني، بدأتُ أرى وأتأمل تلك الهيئة الجميلة التي تبدو عليها الحياةُ حولي، ارتشفتُ الكثير من القهوة، وتحدثتُ إلى أناسٍ جدد، ضحكتُ دون سببٍ، كتبتُ الشعر، توقفتُ لأشم الزهور وألتقط صورًا لكل زهرةٍ. أدركتُ حينها أنه ما من شخصٍ قادرٍ أن يمنحك السعادة عداك، فلم يعد ما يؤلم بعد الآن. وجدتُ الأمان الذي كنتُ أبحث عنه، وجدتُه في نفسي، لذا فإني ممتنة وسعيدة وفرحة بما وصلت إليه.“

“ وبما أنني قد دخلتُ فصلًا جديدًا في حياتي، كانت نهاية العلاقة تلك حافزًا لتغييراتٍ ايجابيةٍ في حياتي، وفاتحة لأثق في ذاتي أكثر وأحبها، وإدراكًا مني لما أستحق أن أكون عليه من السعادة والحرية في الاختيار. ومُحاولةً مني لأترك كل الأشياء التي عوقت تقدمي، لذا أجد نفسي يومًا عن يوم أتحررُ أكثر من كل ما علق في بالي من ذكرياتٍ سيئة.“

“ ارتديتُ هذه القلادة - والتي كانت هديةً منه - كل يوم ولأكثر من عامين، وتجردي منها هو إعلان حياة بالنسبة لي لأمضي بقوة وراحةٍ وسلامٍ عميق وعامر. أيًا تكون أنت الذي وجدتُ هذه الرسالة، وأيًا كان الألم الذي واجهته، اقبل هذه الهدية كتذكيرٍ بما نستحقه من السعادة، وأملي أن تجد الطمأنينة.“